للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى غير ذلك مِنْ معرفة العدل (١) الذي وضعه بينهم في المعاملات والمناكحات والجنايات، وما أودع في فِطرهم مِنْ حُسْن شكره وعبادته وحده لا شريك له، وأنَّ نِعَمه عليهم توجبُ بذل قدرتهم وطاقتهم في شكره والتقرُّب إليه وإيثاره على ما سواه، وأثبت في الفِطر عِلْمَها (٢) بقبح أضداد ذلك.

ثمَّ بعث رسله في الأمر بما أثبت في الفِطر حُسْنَه وكماله، والنَّهي عمَّا أثبت فيها قبحَه وعيبه وذمَّه.

فطابقت الشريعةُ المنزَّلةُ للفطرة المكمِّلة مطابقةَ التفصيل لجملته، وقامت شواهدُ دينه في الفطرة تنادي للإيمان: حيَّ على الفلاح!، وصدَّعت تلك الشواهدُ والآياتُ دياجي ظُلَم الإباء (٣) كما صدَّع الليلَ ضوءُ الصَّباح، وقَبِل حاكمُ الشريعة شهادةَ العقل والفطرة لمَّا كان الشاهدُ غير متَّهمٍ ولا معرَّضٍ للجِرَاح (٤).

فصل (٥)

وكذلك أعطاهم من الأمور المتعلِّقة بصلاح معاشهم ودنياهم بقَدْر حاجاتهم؛ كعلم الطبِّ والحساب، وعلم الزِّراعة والغِرَاس (٦)، وضروب


(١) (د، ت، ح، ن): «العقل». (ق): «العاقل». والمثبت أشبه.
(٢) «علمها» ليست في (ت). وفي (د، ن، ق): «عليها».
(٣) كذا في الأصول. والإباء: الامتناع مع تكرُّهٍ واستعصاء.
(٤) (ت): «للجرح». والمثبت أنسبُ للفاصلة.
(٥) «الدلائل والاعتبار» (٦٠)، «توحيد المفضل» (٤١).
(٦) (ق): «الغرس». (ر، ح): «الغراسة».