للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا من اكتنفته العصمة، وضُرِبت عليه سُرادِقاتُ الحفظ، فهم أقلُّ أفراد النَّوع الإنسانيِّ، وهم خلاصتُه ولبُّه.

فصل

ومنها: أنَّ الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا أنساه رؤيةَ طاعاته، ورَفَعَها من قلبه ولسانه، فإذا ابتُلي بالذَّنب جعله نُصْبَ عينيه، ونسي طاعاته، وجعل همَّه كلَّه بذنبه (١)، فلا يزالُ ذنبُه أمامه إن قام أو قعد أو غدا أو راح، فيكونُ هذا عينَ الرحمة في حقِّه.

كما قال بعض السَّلف: «إنَّ العبد ليعملُ الذَّنبَ فيدخُل به الجنَّة، ويعملُ الحسنةَ فيدخلُ بها النَّار.

قالوا: وكيف ذلك؟

قال: يعملُ الخطيئةَ فلا تزالُ نُصْبَ عينيه كلَّما ذَكَرَها بكى، وندم، وتاب، واستغفر، وتضرَّع، وأناب إلى الله، وذلَّ له وانكَسَر، وعَمِل لها أعمالًا؛ فتكونُ سببَ الرحمة في حقِّه.

ويعملُ الحسنةَ فلا تزالُ نُصْبَ عينيه يَمُنُّ بها ويراها ويعتدُّها على ربِّه وعلى الخلق، ويتكبَّر بها، ويتعجَّبُ من النَّاس كيف لا يعظِّمونه ويكرمونه ويجلُّونه عليها، فلا تزالُ هذه الأمورُ به حتى تقوى عليه آثارُها؛ فتُدخِله


(١) (ن): «ذنبه».