للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتَقْري الضيف، وتُعِينُ على نوائب الحقِّ» (١).

فاستدلَّت بمعرفتها بالله وحكمته ورحمته على أنَّ من كان كذلك فإنَّ الله لا يخزيه ولا يفضحه، بل هو جديرٌ بكرامة الله واصطفائه ومحبته ونبوَّته.

وهذه المقاماتُ في الإيمان عَجَز عنها أكثر الخلق.

* فاحتاجوا إلى الخوارق والآيات المشهودة بالحِسِّ، فآمن كثيرٌ منهم عليها.

* وأضعفُ النَّاس إيمانًا من كان إيمانُه صادرًا من المَظْهَر (٢) ورؤية غَلَبته - صلى الله عليه وسلم - للنَّاس، فاستدلُّوا بذلك المَظْهَر والغَلَبة والنُّصرة على صحَّة الرسالة، فأين بصائرُ هؤلاء مِن بصائر من آمن به وأهلُ الأرض قد نَصَبوا له العداوة، وقد نال منه قومُه ضروبَ الأذى، وأصحابُه في غاية قلَّة العَدَد والمخافة من النَّاس، ومع هذا فقلبُه ممتلاءٌ بالإيمان، واثقٌ بأنه سيظهرُ على الأمم (٣)، وأنَّ دينَه سيعلو كلَّ دين؟!

* وأضعفُ مِنْ هؤلاء إيمانًا مَن إيمانُه إيمانُ العادة والمَرْبا والمنشأ؛ فإنه نشأ بين أبوين مسلمين وأقاربَ وجيرانٍ وأصحابٍ كذلك، فنشأ واحدًا منهم، ليس عنده من الرسول والكتاب إلا اسمُهما، ولا مِن الدِّين إلا ما رأى عليه أقاربَه وأصحابه. فهذا دينُ العوائد، وهو أضعفُ شيء، وصاحبُه بحسب من


(١) تقدم تخريجه (ص: ٣٨٥).
(٢) أي: الظهور والانتصار.
(٣) (ت): «سيظهر على كل دين في سائر الأمم».