للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنازة وقال: «وحديث ابن عمر ليس بشيء، ابن عمر أنكر على أبي هريرة حديثه» (١)، ورد أيضاً حديث ابن عباس أنَّ النبي لما سئل عن الصبي ألهذا حج؟ قال: «نعم» بأن ابن عباس كان يقول: أيما صبي حج ثم أدرك فعليه الحج» (٢). وعليه فإنَّ مخالفة الراوي لما يرويه تعد عند المحدثين علة قادحة ترد بموجبها الأحاديث ويشترط فيها صحة الإسنادين مع إمكانية الجمع بينهما، فإذا كان ذلك كذلك عدل إلى الترجيح على أنَّ هذا الأمر ليس على إطلاقه؛ فوجود فتوى للراوي بخلاف ما يرويه أمر يوجب على الناقد التوقف فقد تثبت الفتيا أو العمل بخلاف ما يرويه الراوي، ويكون هذا الأمر هو الأصل، ثم يبدأ البحث في تلك الرواية التي رواها الراوي مخالفة لفتواه أو عمله هل أنَّها ثابتة عن هذا الراوي أو لا. وقد تثبت الرواية عن الراوي لكن يكون الخلل في نقل عمله أو فتياه. فصنيع المحدثين في ذلك قائم على السبر والاستقراء في صحة الأمرين عن الراوي، ثم بعد ذلك يبدأ البحث في الترجيح أو الأسباب التي أدت إلى هذا الاختلاف فقد يكون الراوي مقلداً لغيره في فتياه أو له اجتهاد خاص في فهم النصوص.

وخلاصة الأمر أنَّ معارضة خبر الآحاد لفتوى راويه أو عمله لا تعد علة دائماً، وليست هي من الأمور المتروكة عند المحدثين، بل إنَّ المحدثين يستخرجون من ذلك ما هو علة، ويبينون ما ليس بعلة لقرائن قامت لديهم وهذا الفهم واقع من كون علم العلل ليس قواعد مطردة، ولا هو أمور رياضية، بل هو جملة معطيات يستطيع الراوي من خلالها أن يبين صحيح الأخبار من معلولها.

[مثال ذلك: اشتراط الولي في النكاح]

استدل القائلون بالاشتراط - وهم جمهور الفقهاء - بحديث عَائِشَة ، عن رَسُوْل الله : «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَاليِهَا،


(١) " العلل الكبير ": ٤١٧ (١٥٤).
(٢) " شرح علل الترمذي " ٢/ ٨٠١ ط. عتر و ٢/ ٨٩١ ط. همام.

<<  <  ج: ص:  >  >>