للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفة، والنقلة متشابهون، وآفة النسيان معترضة، والوهم غير مأمون، فإنَّ تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى، والدليل على وجوبه أقوى .. » (١).

١٠ - التوقّي والتورّع:

كان دأب بعض أهل العلم حين يشك في حديث ما، أنْ يرويه على الاقتصار، فإن شك في رفع الحديث رواه موقوفاً، وإن شك في إسناده أرسله، وإن شك في عبارة من المتن حذفها قال ابن معين: «إذا خفت أن تخطئ في الحديث فانقص منه ولا تزد» (٢)، وهذا ديدن محمد بن سيرين، قال الدارقطني: «وقد تقدم قولنا في أنَّ ابن سيرين من توقّيه وتورّعه تارة يصرح بالرفع وتارة يومئ، وتارة يتوقف، على حسب نشاطه في الحال» (٣)، وقال يعقوب بن شيبة: «حماد بن زيد أثبتُ من ابن سلمة، وكلٌ ثقة، غير أنَّ ابن زيد معروف بأنَّه يقصر في الأسانيد، ويوقف المرفوع، وكثير الشك بتوقيه، وكان جليلاً لم يكن له كتاب يرجع إليه، فكان أحياناً يذكر فيرفع الحديث، وأحياناً يهاب الحديث ولا يرفعه» (٤).

[١١ - اختصار الحديث أو روايته بالمعنى]

يُعد سبباً من الأسباب المؤدية إلى وقوع الغلط في حديث الثقات، وذلك إذا كان الراوي قليل المطالعة لكتبه، ويحدّث بما رسخ في ذهنه، وبخاصة إذا لم يكن ضليعاً باللغة، عالماً بالألفاظ وما يحيل معناها، وكلما كثرت طرق الحديث كثرت ألفاظه واختلفت، يقول الحافظ ابن حجر: «وإنما يسلم ذلك فيما لم تتصرف الرواة في ألفاظه، والطريق إلى معرفة ذلك أنْ تقل مخارج الحديث وتتفق ألفاظه، وإلا فإنَّ مخارج الحديث إذا كثرت قلّ أنْ تتفق ألفاظه؛ لتوارد أكثر الرواة على الاقتصار على الرواية بالمعنى، بحسب ما يظهر لأحدهم أنَّه وافٍ به، والحامل لأكثرهم على ذلك أنَّهم كانوا لا يكتبون، ويطول الزمان، فيتعلق المعنى بالذهن فيرتسم فيه، ولا يستحضر اللفظ،


(١) " المحدّث الفاصل " قبل (٣٨٢).
(٢) " الكفاية ": ١٨٩.
(٣) " العلل " ١٠/ ٢٥ (١٨٢٧).
(٤) " تهذيب التهذيب " ٣/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>