للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣ - التفرد]

التفرد بحد ذاته ليس علة في الخبر، وإنما يكون أحياناً سبباً من أسباب العلة، إذا لم يكن الراوي مبرزاً في الحفظ، فالتفرد قد يلقي الضوء على وجود العلة، وهو من أدق أنواع علوم الحديث، وأصعب أسباب العلة كشفاً، وقد يكون التفرد قرينة على وجود العلة، قال ابن الصلاح: «ويستعان على إدراكها - يعني: العلة - بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك» (١).

والإعلال بالتفرد كثير عند أهل العلم بالحديث، لذا نجد البخاري والعقيلي وابن عدي كثيراً ما يعلون الحديث بقولهم: «لا يتابع عليه» (٢)، وسيأتي مزيد بيان إنْ شاء الله.

[١٤ - الجمع بين الشيوخ]

وهو أنْ يجمع الراوي بين شيخين أو أكثر، فيروي عنهم حديثاً واحداً، ويكون بين حديثهم اختلاف، فهذا الجمع لا يقبل إلا من حافظ متقن لحديثه، عارف اتفاق شيوخه واختلافهم مثل الزهري، وقد ينكر الجمع بين الشيوخ في حال عدم معرفة الجامع بينهم وضبطه لاتفاقهم واختلافهم، قال الإمام أحمد عن محمد بن إسحاق بن يسار: «هو حسن الحديث، ولكنه إذا جمع عن رجلين … يحدث عن الزهري ورجل آخر، فَيُحمل حديث هذا على هذا» (٣).

والأصل تأدية كل حديث كما سمعه، قال ابن الصلاح: «إذا

كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثر، وبين روايتهما تفاوت في

اللفظ، والمعنى واحد، كان له أن يجمع بينهما في الإسناد، ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما خاصة، ويقول: أخبرنا فلان وفلان، واللفظ لفلان، أو وهذا لفظ فلان، قال - أو قالا - أخبرنا فلان أو ما أشبه ذلك من العبارات» (٤).


(١) " معرفة أنواع علم الحديث ": ١٨٧ بتحقيقي.
(٢) والأمثلة على ذلك كثيرة وهي مبثوثة في كتب العلل فراجعها تجد فائدة.
(٣) علل أحمد برواية المروذي وغيره (٥٥).
(٤) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٣٢ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>