للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع الاضطراب في المتن]

الاضطراب الحاصل في المتن نوعان:

[النوع الأول: إذا كان الحديثان صحيحين يضاد أحدهما الآخر في الظاهر]

قال الشافعي: "فكل كلامٍ كان عامًا ظاهرًا في سُنّة رسول الله، فهو على ظهوره وعمومه، حتى يُعلم حديث ثابت عن رسول الله - بأبي هو وأمي - يدل على أنَّه إنَّما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دونَ بعض، كما وصفت من هذا، وما كان في مثل معناه. ولزم أهل العلم أنْ يمضوا الخبرين على وجوههما، ما وجدوا لإمضائهما وجهًا، ولا يعدونهما مختلفين وهما يحتملان أنْ يمضيا، وذلك إذا أمكن فيهما أنْ يمضيا معًا، أو وجد السبيل إلى إمضائهما، ولم يكن منهما واحد بأوجب من الآخر، ولا ينسب الحديثان إلى الاختلاف، ما كان لهما وجهًا يمضيان معًا، إنما المختلف ما لم يمضى (١)، إلا بسقوط غيره، مثل أنْ يكون الحديثان في الشيء الواحد، هذا يحله وهذا


(١) غير خافٍ أنَّ الإمام الشافعي حجة في العربية، بصير بها، عالم بلغات العرب، وله اختيارات في اللغة عدّها بعضهم مظهرًا من مظاهر سعة العربية، على الرغم من أنَّه لم يكن في عصور الاحتجاج، ومن هذه الاختيارات ما خالف أصول اللغة والنحو، منها ما علقنا عليه هنا، وهي لغة قوم من العرب في إهمال (لم) الجازمة حملًا على (ما) النافية، على الرغم من أنَّ بعض النحاة قد عدّوا هذا من باب الضرورة، ومن ذلك أيضًا قوله: "فاستدللنا على أنها لم ترضى"، وقوله: "ولو صلى لم يؤدي ذلك عنه". " الرسالة " (٨٥٨) و (٨٧٦) بتحقيقي.
وانظر: كلام الإمام الشافعي والاحتجاج به، بحث في مجلة الحكمة، العدد (١٧): ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>