للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف ذلك هناك علماء بارعون في اختصار الحديث وروايته بالمعنى مثل سفيان الثوري، قال ابن المبارك: «علَّمنا سفيان اختصار الحديث» (١).

وقد اختلف العلماء سلفاً وخلفاً في حكم اختصار الحديث أو روايته بالمعنى: فذهبت طائفة إلى منع ذلك لأنَّ بعض الثقات قد يروي حديثاً بالمعنى فيخطئ، فيقبل حديثه لثقته، ولا يفطن لخطئه إلا أهل الخبرة، وذهبت أخرى إلى جواز ذلك في غير حديث رسول الله ، وذهب الجمهور إلى تجويزها بالمعنى في جميع ما روي عن النَّبيِّ وما روي عن غيره، إذا قطع بالمعنى، وكان عارفاً بالمعاني ودقائق الألفاظ (٢).

[١٢ - التدليس]

وقوع التدليس في حديث الثقة يُعلّ حديثه؛ لأنَّ التدليس إخفاء عيب في الإسناد، وإيهام الناظر فيه بخلو ذلك الإسناد من العيب (٣).

والتدليس أنواع كثيرة، أشهرها تدليسا الإسناد والشيوخ، ويُعرّف الأول: بأنْ يروي عمن لقيه، ما لم يسمعه منه، والثاني: أن يسمِّي شيخه أو

يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به (٤).

فالرواة الثقات يقع منهم التدليس، فيحتاج إلى جهبذ ناقد يكشف عنه بمعرفته الثاقبة وبطرائقه، فإنْ كان الراوي الذي دَلّس متكلماً فيه، أو روايته ضعيفة لأمر آخر، فالأمر هين، وإنْ كان الراوي ثقة استوجب مزيد بحث، حتى لا يغتر الناظر في الإسناد بظاهره فيحكم بصحته، وليس كل عنعنة من راوٍ مدلس مردودة؛ لأنَّه يترتب على ذلك رد كثير من السنن الصحيحة (٥).


(١) " المحدّث لفاصل " (٧١٦).
(٢) انظر: " المحدّث الفاصل " (٦٨٥) - (٧٠٠)، و " الكفاية ": ١٩٨، "وشرح علل الترمذي" ١/ ١٤٧ ط. عتر و ١/ ٤٢٧ ط. همام.
(٣) انظر: " الكفاية ": ٣٥٧.
(٤) انظر " معرفة أنواع علم الحديث ": ١٥٧ بتحقيقي.
(٥) انظر: " علل ابن أبي حاتم " ١/ ١١٤ ط. الحميّد (المقدمة).

<<  <  ج: ص:  >  >>