للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمظنون إذا عارضه قاطع» (١)، ونقل عن إمام الحرمين في باب الترجيح: «إن تحقق بلوغه لهم، وخالفوه مع العلم به دلّ على نسخه، وليس ذلك تقديماً لأقضيتهم على الخبر، بل هو تمسك بالإجماع على وجوب حمله على وجه ممكن من الصواب، فكان تعلقاً بالإجماع في معارضة الحديث، وإن لم يبلغهم أو غلب على الظن أنَّه لم يبلغهم، فالتعلق حينئذ واجب، وظني بدقة نظر الشافعي في أصول الشريعة أنَّه يُقدَّم الخبر في مثل هذه الصورة، وإن غلب على الظن أنَّه بلغهم وتحققنا مخالفة عملهم له، فهذا مقام التوقف، فإنْ لم نجد في الواقعة سوى الخبر والأقضية تعلقنا بالخبر، وإنْ وجدنا غيره تعين التعلق به. قال: ومن بديع ما ينبغي أنْ يُتنبه له أنَّ مذاهب أئمة الصحابة إذا نُقلت من غير إجماع لا يتعلق بها، فإذا نُقلت في معارضة خبر نص على المخالفة تعلقنا بها، وليس هو في الحقيقة تعلق بالمذاهب، بل بما صدرت عنه مذاهبهم. قال: وما ذكرناه في أئمة الصحابة يطّرد في أئمة التابعين، وفي أئمة كل عصر ما لم يوقف على خبر» (٢).

[المثال الأول: خيار المجلس]

يمكن تعريف خيار المجلس بأنه: حق العاقدين في إمضاء العقد أو رده، منذ التعاقد إِلَى التفرق أو التخاير (٣).

والأكثرون عَلَى تسميته «خيار المجلس» ومنهم من يسميه «خيار الْمُتَبَايِعَيْنِ» (٤).

فإذا أتم العاقدان عقد البيع من غَيْر أنْ يتفرقا وَلَمْ يختر أحدٌ مِنْهُمَا اللزوم، فهل يعتبر العقد لازماً بمجرد هَذَا التمام أَمْ أن لكلا العاقدين الحق في فسخ العقد ما داما في مجلس البيع؟ فقال الجمهور بثبوت خيار المجلس للمتعاقدين واستدلوا بقول النَّبيِّ : «البَيِّعانِ بالخيارِ ما لَمَ يَتفرَّقا، فِإنْ صَدَقا


(١) " البحر المحيط " ٣/ ٤٠٠.
(٢) " البحر المحيط " ٣/ ٤٠١.
(٣) انظر: " الموسوعة الفقهية " ٢٠/ ١٦٩.
(٤) انظر: " المغني " ٤/ ٧ و ٩، و " التهذيب في فقه الشافعي " ٣/ ٢٩٠ و ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>