للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - معرفة مواليد الرواة ووفياتهم وأصحاب الرحلة منهم.]

كما هو معروف فإنَّ من شروط صحة الحديث الاتصال وثبوت اللقاء. ومن الأمور المساعدة على معرفة ثبوت اللقي من عدمه معرفةُ مولد الراوي وعرضه على وفاة شيخه الذي حدّث عنه، سيظهر حينئذ احتمال اتصال السند على انقطاعه أو بالعكس. قال سفيان الثوري: «لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ» (١)، وقال حفص بن غياث: «إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين» (٢)، ونقل الخطيب عن أبي علي الحافظ أنَّه قال: «لما حدّث عبد الله بن إسحاق الكرماني، عن محمد بن أبي يعقوب، أتيته فسألته عن مولده (٣)، فذكر أنَّه وُلد سنة إحدى وخمسين ومئتين، فقلت له: مات محمد بن أبي يعقوب قبل أنْ تولد بتسع سنين فاعْلَمْه، قال أبو عبد الله - هو الحاكم (٤) - ولما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي، وحدّث عن عبد بن حُميد سألته عن مولده، فذكر أنَّه وُلد سنة ستين ومئتين، فقلت لأصحابنا: سمع هذا الشيخ من عبد بن حُميد بعد موته بثلاث عشرة سنة» (٥).

وللرحلات أثر في معرفة العلل، فقد يكون سماع الراوي صحيحاً في مكان وضعيفاً في آخر؛ لأنَّه قد يختلط، كذلك معرفة البلاد التي دخلها الراوي تنفع في معرفة احتمال اتصال السند من انقطاعه، لذا يجب على الباحث في علل الحديث الاهتمام بهذا الجانب.

[٩ - معرفة العواصم أو المدارس الحديثية.]

لما انتشرت رقعة أهل الحديث وبلغت مبلغها من شهرة ورفعة عند

الناس، كانت هناك بعض الأمصار التي يختلف الناس إليها؛ ليسمعوا من أهل


(١) أسنده ابن عدي في " الكامل " ١/ ١٦٩ - ١٧٠، ومن طريقه الخطيب في " الكفاية ": ١١٩، وانظر: " معرفة أنواع علم الحديث ": ٤٨٤، و " تدريب الراوي " ٢/ ٣٥٠.
(٢) " الكفاية ": ١١٩ - ١٢٠، و " تدريب الراوي " ٢/ ٣٥٠.
(٣) أي: مولد الكرماني.
(٤) وهو عنده في " المدخل إلى معرفة الإكليل ": ١٠٢ (١٥٨).
(٥) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>