للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: «وإنَّما قال مالك: وليس الرجل عندنا هنالك في الرجل الذي كتم اسمه، وهو الذي حدثه بهذا الحديث عن يزيد بن قسيط».

هذا الكلام فيه احتمالان:

الأول: أنَّه زعم أنَّ مالكاً مدلس، وهذا الاحتمال بعيدٌ؛ لأنه بناه على صحة رواية عبد الرحمان، وقد تقدم حاله.

والثاني: أنَّ معنى كلامه أنَّ مالكاً لم يقف على اسم الراوي الذي حدثه بهذا الحديث، وهو احتمال بعيدٌ؛ لأنَّ مالكاً رواه عن يزيد من دون واسطة بينهما.

قلت: فإنْ قال قائل: فإنَّ مالكاً أخرج له في موطئه في غير موضع، ثم إنه ضعّفه في هذا الحديث.

فنقول: الظاهر - والله أعلم- أنَّ مالكاً إنَّما غمز يزيد في هذا الحديث خصوصاً، والله أعلم.

[٤ - معارضة خبر الآحاد للقياس]

القياس: أحد أدلة الأحكام الشرعية ومصادرها في الفقه الإسلامي (١).

وقد ذهب جمهور عُلَمَاء الأمة إِلَى القول بحجيته، ويعرّف بأنَّه: حمل معلوم عَلَى معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بأمرٍ جامع بَيْنَهُمَا (٢).

ويكون القياس بالنظر في تصرفات الشارع الحكيم والاستنباط منها وربط الأحكام بعللها، فإذا عارض خبر الواحد القياس، فأي مِنْهُمَا يقدم موجبه عَلَى الآخر؟

اشتهر عند الحنفية اشتراط عدم مخالفة خبر الواحد للقياس حَتَّى يصح العمل بِهِ كدليل مستقل، والحق أنَّ هَذَا الموطن لَيْسَ محل اتفاق بَيْنَهُمْ، بَلْ هناك تفصيل في مذهبهم عَلَى النحو الآتي:


(١) انظر: " نهاية السول " ٣/ ١٠، و" إرشاد الفحول ": ٦٥٩.
(٢) انظر: " البرهان " ٢/ ٤٨٧، و" المستصفى " ٢/ ٢٢٨، و" إحكام الأحكام " ٣/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>