الزيادات الواقعة في المتون أو الأسانيد لَها أهمية بالغة عِنْدَ عُلَمَاء الحَدِيْث؛ إذ إن لَهَا عندهم مجال نظرٍ وبحثٍ واسع. وَلَمْ يَكُنْ أمرها اعتباطياً، ثُمَّ إنها قَدْ كشفت عن منهجية المتكلمين فِيْهَا، وأبانت عن قدرات محدّثي الأمة وصيارفة الحَدِيْث في النقد والإعلال، والتصحيح والتضعيف.
والزيادات الواردة في بَعْض الأماكن دُوْنَ بَعْض، نَوْع من أنواع الاختلاف، سَوَاء كَانَ في المَتْن أم في السَّنَد. وهو أمرٌ طبيعيٌّ ولا غرابة فِيهِ، ومَعْرِفَة الزيادات هِيَ إحدى قضايا علل الحَدِيْث الَّتِي مرجعها إلى الاختلاف بالروايات. إذ إنَّ الرواة يبعد أنْ يكونوا جميعاً في مستوى واحد من التيقظ و الضَّبْط والحفظ، وليسوا في مستوى واحد من الاهتمام و التثبت والدقة. واختلاف المقدار قَدْ يَكُون مداه طويلاً من حِيْن تلقي الأحاديث من أصحابها إلى حِيْن أدائها، إذ إنَّ شرط الضَّبْط أن يَكُون من حِيْن التحمل إلى حِيْن الأداء (١)، وما دامت المواهب متفاوتة حفظاً وضبطاً، فإنَّ الاختلاف في الزيادات واردٌ لا محالة. فالرواة مِنْهُم من بَلَغَ أعلى مراتب الحفظ والإتقان، ومنهم دُوْنَ ذَلِكَ ومنهم أدنى بكثير.
ثُمَّ إنَّ الرواة كثيراً مَا يشتركون في سَمَاع الحَدِيْث الواحد من شيخ واحد، فحين يحدِّثون بهذا الحَدِيْث بَعْدَ فترة من الزمن يَكُون الاختلاف بينهم بحسب مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم.
(١) انظر: " فتح الباقي " ١/ ٩٧ بتحقيقي، و" نزهة النظر ": ٣٩.