للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قول صاحب ولا من قياس ولا من رأي صحيح» (١).

[٦ - معارضة خبر الآحاد لفتوى راويه أو عمله]

وهي طريق جرى كبار نقاد الحديث على اعتبارها في إعلال الحديث كعلامة تلقي الضوء على وجود العلة، أو قد تكون هي العلة (٢).

وضع الحنفية شروطاً للعمل بخبر الآحاد، يمكن أن تَكُوْن عاضداً للظن الَّذِي يوجبه خبر الواحد (٣).

ومن بَيْن تِلْكَ الشروط: أن لا يعمل الرَّاوِي بخلاف روايته (٤)، ووافقهم عَلَى هَذَا بَعْض المالكية (٥). وقال أبو حنيفة، والقاضي، وهو أحد قولي مالك: إنْ أفتى بخلاف ما روى أو ردَّ الحديث أصلاً يسقط الحديث؛ لأنَّ ذلك تهمة فيه، واحتمال أنْ يكون قد سمع ناسخه (٦)، إذ لا يظن به غير ذلك؛ لأنَّهُ ما عمل بخلافه إلا وَقَدْ تيقن من طريق صحيحة نسخه، أو صرفه عن ظاهره بتأويله أو تخصيصه، سواء كَانَ هَذَا من معاينة حال رَسُوْل الله ، أو سَمَاع نصٍ جلي صريح مِنْهُ، أو علم إجماع الصَّحَابَة عَلَى خلاف مضمونه، فأوجب هَذَا عَلَيْهِ القول بمقتضى المتأخر من حَيْثُ علمه (٧).

وفصّل أبو بكر الجصاص من الحنفية، فرأى أنَّ الخبر المروي عَلَى هَذِهِ الصورة لا يخلو من حالتين:


(١) " المحلى " ١/ ٢٢٧ و ١/ ٢٢٨.
(٢) انظر: " تحرير علوم الحديث " ٢/ ٧٥٤.
(٣) انظر: "ميزان الأصول ": ٤٣١ تح: د. مُحَمَّد زكي عَبْد البر، و ٢/ ٦٣٩ تح: د. عَبْد الملك السعدي.
(٤) انظر: " كشف الأسرار " للبزدوي ٣/ ٦١، و" أصول السرخسي " ٢/ ٨، و"ميزان الأصول": ٤٤٤ تح د. محمد زكي عبد البر و ٢/ ٦٥٥ - ٦٥٧ تح د. عبد الملك السعدي، و"تيسير التحرير" ٣/ ٧١.
(٥) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٤٠١.
(٦) انظر: " المحصول " لابن العربي: ٨٩.
(٧) انظر: "ميزان الأصول ": ٤٤٥ تح: د. مُحَمَّد زكي عَبْد البر و ٢/ ٦٥٦ تح: د. عَبْد الملك السعدي، و" أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد ": ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>