للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإسناد: فهو حكاية طريق الْمَتْن (١).

والذي يبدو أنَّ السند والإسناد معناهما واحد لأنَّهما متقاربان في معنى الاعتماد عليهما (٢).

وَقَالَ بدر الدين بن جَمَاعَة: «الْمُحَدِّثُوْنَ يستعملون السند والإسناد لشيءٍ واحدٍ» (٣).

لَكِن الإسناد أعم من السند؛ فالإسناد يطلق عَلَى سلسلة الرُّوَاة الموصلة إلى الْمَتْن، فيكون بِذَلِكَ مرادفاً للسند، ويكون بمعنى عزو الْحَدِيْث إلى قائله فهو أعم (٤).

فهو ما يذكره الناقل للخبر من الرجال الرواة الذين تتابعوا على نقله بينه وبين منتهى الحديث بصيغ الأداء، التي يذكرها بين كل راويين، فهو قسيم المتن وقسم من الحديث (٥).

والخلاصة: المراد بالسند أَو الإسناد هنا: هُوَ سلسلة الرُّوَاة الَّذِيْنَ نقلوا الْحَدِيْث واحداً عن الآخر، حَتَّى يبلغوا بِهِ قائله.

[أهمية الإسناد]

إنّ الله شرّف هَذِهِ الأمة بشرف الإسناد، وَمَنَّ عَلَيْهَا بسلسلة الإسناد واتصاله، فهو خصيصة فاضلة لهذه الأمة وليس لغيرها من الأمم السابقة، وَقَدْ أسند الْخَطِيْب إلى مُحَمَّد بن حاتم بن المظفر قوله: «إنّ الله أَكْرَمَ هَذِهِ الأمة وشرّفها وفضّلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها، قديمهم وحديثهم إسنادٌ، وإنما هِيَ صحف في أيديهم وَقَدْ خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بَيْنَ ما نزل من التوراة والإنجيل مِمَّا جاءهم بِهِ أنبياؤهم، وتمييز بَيْنَ ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار الَّتِيْ أخذوا عن غَيْر الثقات. وهذه الأمة إنما تنُصّ الْحَدِيْث من الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن


(١) انظر: " نُزهة النظر ": ٢٢.
(٢) انظر: " الخلاصة ": ٣٠.
(٣) " المنهل الروي ": ٣٠.
(٤) انظر: " تيسير مصطلح الْحَدِيْث ": ١٦.
(٥) انظر: " لسان المحدّثين " (الإسناد).

<<  <  ج: ص:  >  >>