للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني: إذا كان حديثًا واحدًا روي بألفاظ مختلفة. فهذا فيه

جانبان:

١ - أنْ تكون الألفاظ مفترقة والمعاني متفقة. وهذا لا إشكال فيه وقد تقدمت مناقشة ثناياه في مبحث الرواية بالمعنى، ولكن تحصيلًا للفائدة سوف أذكر بعضًا من أقوال أهل العلم، فقال العلائي: "وأما إذا اتحد مخرج الحديث وتقاربت ألفاظه، فالغالب حينئذ على الظن أنَّه حديث واحد، وقع الاختلاف فيه على بعض الرواة، لا سيما إذا كان ذلك في سياقة واقعة تبعد أنْ يتعدد مثلها في الوقوع: كحديث أبي هريرة وحده في قصة السهو" (١). فإن أمكن رد بعضها إلى بعض صير إليه؛ لأنَّ الأصل في الحديث أنْ يحمل على الاتفاق ما وجد السبيل إلى ذلك، ولا يحمل على التنافي والتضاد، إذ الجمع بين ألفاظ الحديث الواحد، وبناء بعضها على بعض، أولى من اطّراح أحدها أو توهين الحديث بالاضطراب في ألفاظه (٢)، قال يحيى بن معين: "لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه" (٣)، وقال الإمام أحمد: "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضًا" (٤)، وقال علي بن المديني: "الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه" (٥).

٢ - أنْ تكون معاني الحديث مختلفة ولا يمكن الجمع بينها، ويكون


(١) " نظم الفرائد ": ٢٥٨.
(٢) انظر: " المقترب في بيان المضطرب ": ١٦٧.
(٣) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥٠).
(٤) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥١).
(٥) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>