للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهب بأحاديث مناكير، ولعل شبيباً بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم» (١)، وقد وجدنا حين استقرأنا حال كثير من الرواة الذين ولوا القضاء أنهم قد خف ضبطهم؛ لانشغالهم بهذا المنصب الوظيفي، وممن شغل بالقضاء شريك بن عبد الله النخعي حين ولي قضاء الكوفة بعد عام خمسين ومئة، قال الحافظ ابن حجر: «تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة» (٢).

وكذلك محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال أبو حاتم الرازي: «شغل بالقضاء فساء حفظه» (٣) هذا خط عام لكن هناك من اشتغل بالتجارة فلم تلهه عن ضبط أحاديثه مثل ابن المبارك والليث بن سعد وغيرهما، وهناك من ولي القضاء ولم يشغله عن الضبط والإتقان لأحاديثه مثل معاذ بن معاذ العنبري .. (٤).

وهناك جماعة من القراء شُغلوا بقراءة القرآن الكريم وإقرائه فهم أثبات في القراءة دون الحديث كنافع والكسائي وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرروها ولم يصنعوا ذلك في الحديث. كما أنَّ طائفة من الحفاظ أتقنوا الحديث ولم يحكموا القراءة، وكذا شأن كل من برز في فن ولم يعتنِ بما عداه، والله أعلم (٥).

وغير ما ذكرنا من الأمور قد تطرأ مثل رواية المبتدع الداعية، ومن يحفظ المتون من دون الأسانيد كالفقهاء مثلاً أو العكس كالمحدّثين، وعدم ممارسة المحدّث لحديثه، كل هذه الأسباب تؤدي إلى خفة الضبط.

[٣ - الاختلاط]

وهو آفة عقلية تورث فساداً في الإدراك، وتصيب الإنسان في آخر عمره، أو تعرض له بسبب حادث لفقد عزيز أو ضياع مال، ومن تصبه هذه الآفة لكبر


(١) " الكامل " ٥/ ٤٩.
(٢) " التقريب " (٢٧٨٧).
(٣) " الجرح والتعديل " ٧/ ٤٣١ (١٧٣٩).
(٤) انظر: " العلة وأجناسها ": ١٦٠.
(٥) انظر: " سير أعلام النبلاء " ١١/ ٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>