للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه اتخذ الخاتم للزينة، فلما تبعه الناس عَلَى ذَلِكَ ألقاه وألقوا بَعْدَ ذَلِكَ خواتيمهم، فلما احتاج إلى ختم اتخذ خاتماً آخر.

الثالث: أنَّه لما طرح خاتم الذهب اتخذ مكانه خاتم الفضة؛ لأنَّهُ لا يستغني عن الختم عَلَى كتبه، فيكون طرح الخاتم الَّذِي في رِوَايَة الزهري يقصد بِهِ خاتم الذهب، فَقَدْ جعله الموصوف -أي خاتم الذهب- في قوله: «فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم» وَهُوَ قَوْل المهلب والنووي (١) والكرماني (٢)، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: «وهذا يشاع لَوْ جاء الكلام مجملاً»، وأشار إلى أنَّ رِوَايَة الزهري لا تحتمل هَذَا التأويل (٣).

[الثاني: تدليس الأسماء أو الشيوخ]

وَهُوَ أن يأتي باسم شيخه أَوْ كنيته عَلَى خلاف المشهور بِهِ؛ تعمية لأمره وتوعيراً للوقوف عَلَى حاله (٤). وحكمه أخف من السابق، وفي هَذَا النوع تضييع للمروي عَنْهُ وللمروي وتوعير لطريق مَعْرِفَة حالهما. ثُمَّ إنَّ الحال في كراهيته يختلف بحسب الغرض الحامل عَلَيْهِ، إِذْ إنَّ من يدلس هَذَا التدليس قَدْ يحمله كون شيخه الَّذِيْ غيّر سمته غَيْر ثقة، أو أصغر من الرَّاوِي عَنْهُ، أو متأخر الوفاة قَدْ شاركه في السَّمَاع مِنْهُ جَمَاعَة دونه، أو كونه كثير الرِّوَايَة عَنْهُ فلا يحب تكرار شخص عَلَى صورة واحدة. وأبواب أسماء الرواة وكناهم وألقابهم في كتب مصطلح الحديث أحق بهذا النوع من التدليس؛ لأنَّه لا علاقة له بالاتصال والانقطاع.


(١) " شرح صَحِيْح مُسْلِم " ٤/ ٨٠٣.
(٢) هو مُحَمَّد بن يوسف بن علي الكرماني، من مؤلفاته: " الكواكب الدراري في شرح صَحِيْح البخاري " و" ضمائر القرآن " و " النقود والردود في الأصول "، ولد سنة (٧١٧ هـ)، وتوفي سنة (٧٨٦ هـ).
انظر: " الدرر الكامنة " ٤/ ٣١٠، و" شذرات الذهب " ٦/ ٢٩٤، و" الأعلام " ٧/ ١٥٣.
(٣) انظر: " إكمال المعلم " ٦/ ٦١٠.
(٤) انظر: " معرفة أنواع علم الحديث ": ١٥٨ بتحقيقي، و " اختصار علوم الحديث ": ١٣٤ بتحقيقي، و " لسان المحدّثين " (تدليس الأسماء).

<<  <  ج: ص:  >  >>