للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرائن والمرجحات. قَالَ الإمام أحمد: "إذا سَمِعْتَ أصحاب الْحَدِيث يقولون: هَذَا حَدِيث غريب أو فائدة، فاعلم أنَّه خطأ، أو دخل حَدِيث في حَدِيث، أَوْ خطأ من المُحدِّث، أَوْ حَدِيث ليس لَهُ إسناد، وإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون: هَذَا لا شيء، فاعلم أنَّه حَدِيث صحيح" (١).

وَقَالَ أبو داود: "والأحاديث التي وضعتها في كتاب "السنن" أكثرها مشاهير، وهي عِنْدَ كُلّ من كتب شَيْئًا من الْحَدِيث، إلا أنَّ تمييزها لا يقدر عَلَيْهِ كُلّ الناس، والفخر بِهَا: أنَّها مشاهير، فإنَّه لا يحتج بحديث غريب، وَلَوْ كَانَ من رِوَايَة مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم" (٢).

ونحن نجد أمثلة تطبيقية متعددة في ممارسة النقاد، مِنْهَا قَوْل الحافظ ابن حجر في حَدِيث صلاة التسبيح: "والحق أنَّ طرقه كلها ضعيفة، وإن كَانَ حديث ابن عَبَّاسٍ يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر .. " (٣).

ويمكننا أنْ نقسم التفرد - حسب موقعه في السند - إلى قسمين:

[الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة]

كطبقة الصَّحَابَة، وطبقة كبار التَّابِعِينَ، وهذا التفرد مقبول إذا كَانَ راويه ثقة - وهذا الاحتراز فِيْمَا يخص طبقة التَّابِعِينَ -، فهو أمر وارد جدًّا لأسباب متعددة يمكن حصرها في عدم توفر فرص متعددة تمكّن الْمُحَدِّثِيْنَ من التلاقي وتبادل المرويات؛ وذلك لصعوبة التنقل في البلدان، لا سيما في هذين العصرين.


(١) " الكفاية ": ١٤٢. والمراد من الجملة الأخيرة، أنَّ الْحَدِيْث ليس فيه شيء يستحق أن ينظر
فِيْهِ؛ لكونه صحيحاً ثابتاً.
(٢) " رسالة أبي داود إلى أهل مكة ": ٤٧.
(٣) " التلخيص الحبير " ٢/ ١٨ - ١٩ (٤٨٢). وانظر في صلاة التسبيح: "جامع الترمذي" (٤٨١) و (٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>