للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الرابع: الإرسال بالمعنى الخاص]

الحديث المرسل: هو ما أضافه التابعي إلى النبي (١).

وهذا من أجود التعاريف؛ لأنَّه يعمّ ما أضيف إلى النبي من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة؛ فعلى هذا من عرَّفه بأنَّه: ما قال فيه التابعي: «قال النبي »، فتعريفه قاصر؛ لأنَّه لا يشمل التقرير، أو الصفة، أو الفعل. وكذا من عرَّفه بأنَّه: ما سقط منه الصحابي، فكذلك تعريفه غير جيد؛ لأنّا لو كنَّا نعلم أنَّ الصحابي وحده هو الساقط لما ضعّفنا الحديث، إذ العلة بالمرسل: خشية أنْ يكون التابعي قد سمعه من تابعي آخر، ولا نعلم لهذا التابعي الآخر عدالةً ولا ضبطاً.

وأما التابعي الذي يروي المرسل: فهو الذي لقي بعض الصحابة، وسمع منهم أحاديث، ولا يشترط فيه أن يكون كبيراً كما اشترطه بعضهم (٢).

أما التابعي الذي له رؤية لبعض الصحابة، ولم يسمع من أحد منهم، فهذا إذا روى شيئاً مباشرةً عن النبي ، فحديثه معضل، وإذا روى شيئاً عن الصحابة فهو منقطع؛ لأنّه ثبت له شرف التابعية، لا أحكامها.

ومن هؤلاء: إبراهيم النّخعي، والأعمش.

فإبراهيم النّخعي لقي عائشة، ولم يسمع منها شيئاً، والأعمش رأى أنساً، ولم يسمع منه شيئاً.

وللفائدة: فإنَّ هذا التعريف للمرسل هو الذي استقر عليه الاصطلاح. أما المتقدمون: فكانوا يطلقون كلمة (مرسَل) على كل منقطع.

فعلى هذا تكون طريقة تمييز المرسَل بمجرد أن يعلم أنَّ الذي حدَّث به عن النبي تابعي، وتمييز التابعين من غيرهم يعرف من كتب الرجال.


(١) انظر: " النكت " ٢/ ٥٤٠ و: ٣١٩ بتحقيقي.
(٢) انظر " التمهيد " ١/ ٥٠ - ٥١، و" معرفة أنواع علم الحديث ": ١٢٦ بتحقيقي، و " فتح المغيث " ١/ ١٥٣ ط. العلمية و ١/ ٢٤٠ ط. الخضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>