للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما، وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق، فلا يفرقون، فيقولون في المطلق والنسبي: تفرد به فلان أو أغرب فلان" (١)، وبالاستقراء فإنَّ مصطلح التفرد يطلق ويراد به السند، والغريب يطلق ويراد به المتن أو السند أو كلاهما، فيكون مصطلح الغرابة أعم من مصطلح التفرد، ومن ناحية أخرى فإِنَّ إطلاق التفرد لا يفهم منه إلا التفرد الاصطلاحي في حين إنَّ الغرابة تحتمل أكثر من معنى، فهي تحتمل التفرد، وقد يقرن بألفاظ أخرى لتكون حكمًا على الحديث، فتجد الترمذي كثيرًا ما يحكم على حديث بـ: "غريب صحيح" و "حسن غريب" وقد تفرد هذه الكلمة فيراد بها ضعف الحديث وهو صنيع الترمذي في جامعه، وأبي نعيم في "الحلية" إذن فاصطلاح الغريب والفرد يتفقان في تجريد إحدى طبقات السند من المتابعات - هذا في أسهل الاحتمالات - وإثبات تفرد أحد الرواة في الإسناد. ولمصطلح الغريب عند المتقدمين من المحدّثين معنى نقدي خطير، أما المتأخرون فليس الأمر عندهم كذلك، فهم يكادون يقصرون معناها على مقصد إحصائي محض مجرد عن أي معنى نقدي، فالاشتغال ببيان الغرابة هو عندهم من لطائف الفن، وليس من أصوله ومهماته (٢).

[مظان الحديث الغريب]

هناك كتب خاصة أُلفت في الحديث الغريب منها ما هو صريح كالغرائب والأفراد، و"غرائب مالك" للدارقطني وغيرهما. أما غير الصريح فمثل المعجمين "الأوسط" و"الصغير" و "مسند البزار" و "حلية الأولياء" وغيرها كما سبق بيانه.

ومن مظانه أيضًا كتب الفوائد: فالفوائد أخص من الغرائب، فكتب الفوائد تجمع غرائب مصنفيها وحدهم، أما كتب الغرائب فتعنى أصلًا بجمع ما أغرب - أي تفرد - به راو عن إمام حافظ مكثر شهير. وكثير من هذه


(١) " نزهة النظر ": ٣٧.
(٢) انظر: " لسان المحدّثين " (غريب).

<<  <  ج: ص:  >  >>