للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما تطلق على الحديث، والأخرى تطلق على الراوي، أما وجه الترابط فإنَّ إكثار الراوي من الأحاديث المنكرة والضعيفة والمخالفة للأحاديث الصحيحة يستلزم الحكم عليه بأنَّه منكر الحديث.

وكذا التفريق بين قولهم: (يروي مناكير) وقولهم: (في حديثه نكارة) ففي الأولى أنَّ هذا الراوي يروي المناكير، وربما العهدة ليست عليه إنَّما من شيوخه، وهي تفيد أنَّه لا يتوقى في الرواية، أما قولهم: (في حديثه نكارة) فهي كثيراً ما تقال لمن وقعت النكارة منه.

[«منكر الحديث عند الإمام البخاري»]

من ألفاظ الجرح التي يستخدمها الإمام البخاري هي: منكر الحديث، نقل ابن القطان عن البخاري قوله: «كل من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه» (١)، فهي عند الإمام البخاري من أشد ألفاظ الجرح فهو يستعملها في الراوي الضعيف جداً، والذي أكثر من المناكير والمخالفة إلا أنَّه ليس هناك كبير فرق بين قول البخاري في راوٍ: منكر الحديث، وقول غيره: منكر الحديث أيضاً، فقد وجد من الرواة من أطلق عليهم البخاري منكر الحديث، وتابعه على هذا الحكم غيره من الأئمة.

قال عبد الله الجديع: «والذي وجدته بالتتبع أنَّ استعمال البخاري لهذه اللفظة لا يختلف عن استعمال من سبقه أو لحقه من علماء الحديث، فهو إنَّما يقول ذلك في حق من غلبت النكارة على حديثه، أو استحكمت من جميعه، وربما حكم عليه غيره بمثل حكمه، وربما وصف بكونه متروك الحديث بمجرد الضعف، وربما قال ذلك البخاري في الراوي المجهول الذي لم يرو إلا الحديث الواحد المنكر» (٢) ثم ساق أمثلة لمن قال فيهم البخاري منكر الحديث.


(١) " بيان الوهم والإيهام " ٢/ ٢٦٤ (٢٦٤) و ٣/ ٣٧٧ (١١٢٠).
(٢) " تحرير علوم الحديث " ١/ ٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>