للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب القلب]

مِمَّا لا شك فِيْهِ أنَّ قابليات الرُّوَاة تتفاوت ما بَيْنَ إتقان للمحفوظ وضبط له وتعاهد، ثُمَّ إنَّهم مختلفون في ما ركزه الله فِيْهِمْ من العدالة أو ضدها، وعليه فَقَد اختلفت دوافع القلب في المرويات تبعاً لهذا التفاوت، ويمكن أنْ نجعل دوافع القلب في حَدِيْث الرُّوَاة ثلاثة، هِيَ:

١ - الإغراب: وهو رغبة الرَّاوِي إيقاع الغرابة في حديثه؛ وذلك ليُرَغِّبَ الناس فيه حَتَّى يظنوا أنَّه يروي ما ليس عِنْدَ غيره فيقبلوا عَلَى التحمل مِنْهُ. وفاعل ذلك داخل في صنف الوضّاعين ملحَقاً بالكذابين (١) عَلَى نحو ما وقع في حَدِيْث حماد بن عمرو النصيبي الَّذِيْ سقناه قبل.

ولهذا السبب كره أهل الْحَدِيْث تتبع الغرائب، قَالَ الإمام أحمد: «لا تكتبوا هَذِهِ الأحاديث الغرائب فإنَّها مناكير وعامتها عن الضعفاء» (٢).

٢ - اختبار المحدّثين والرواة وامتحانهم:

أن يَكُوْن بقصد الامتحان لمعرفة حفظ الشيخ وضبطه. وذاك للإمعان في التثبت من حال المحدِّث أحافظ هُوَ أم غَيْر حافظ؟ وهل يفطن لما وقع في الْحَدِيْث من القلب أو لا؟

فإنْ تبين لَهُ أنَّه حافظ متيقظ تطمئن النفس في الْحَدِيْث عَنْهُ، أقبل


(١) انظر: " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٣٢٠ بتحقيقي.
(٢) أخرجه: ابن عدي في " الكامل " ١/ ١١١، وانظر: " شرح التبصرة والتذكرة " ٢/ ٧٧ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>