للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً مما لم يسمعوه تثبتوا فيه كما حصل لعمر بن الخطاب، وطلبوا البينة أحياناً مبالغة في التثبت وصيانةً للشرع كما فعل عمر بن الخطاب مع أبي موسى الأشعري (١) في الاستئذان ثلاثاً، لذا فإنَّهم لم يكونوا يتهاونون في ذلك مع أحدٍ كائناً من كان إذا رفع حديثاً إلى رسول الله ، ولذلك لما قال المستورد بن شداد القرشي عند عمرو بن العاص : سمعت رسول الله يقول: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس»، فقال له عمرو: أبصر ما تقول قال: أقول سمعت من رسول … » (٢).

وقال ابن عباس : «إنا كنَّا مرةً إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا» (٣).

وكانوا يرحلون في سماع الحديث حتى إنَّ جابر بن عبد الله رحل شهراً في سماع حديث واحدٍ (٤).

ثم سار التابعون على ذلك المنهج ومن بعدهم، حتى قال ابن حبان: «فرسان هذا العلم الذين حفظوا على المسلمين الدين، وهَدَوْهم إلى الصّراط المستقيم، الذين آثروا قَطْع المفاوِز والقِفار على التنعّم في الديار والأوطْان في طلب السنن في الأمصار، وجمعها بالوجل والأسفار والدَّوران في جميع الأقطار، حتى إنَّ أحدهم ليرحَلُ في الحديث الواحد الفراسخ البعيدة، وفي الكلمة الواحدة الأيام الكثيرة، لئلا يُدخلَ مُضِلٌّ في السنن شيئاً يُضلُّ به، وإن فعل فهم الذابّون عن رسول الله ذلك الكذب، والقائمون بنُصْرة الدين» (٥).

أما تنظيم الكتاب فقد كان الكتاب على ثلاثة أقسام:

القسم التنظيري، والقسم التطبيقي، والفوائد والقواعد الحديثية.

أما القسم الأول: فقد تضمن الكلام على معنى العلة، وأهمية علم


(١) صحيح البخاري ٨/ ٦٧ (٦٢٤٥)، وصحيح مسلم ٦/ ١٧٧ (٢١٥٣).
(٢) صحيح مسلم ٨/ ١٧٦ (٢٨٩٨).
(٣) مقدمة صحيح مسلم ١/ ١٣.
(٤) الأدب المفرد (٩٧٠)، وانظر " سير أعلام النبلاء " ٣/ ١٩١ - ١٩٢.
(٥) في " المجروحين " ١/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>