للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: العدالة (١): وهي كما قال ابن الأثير الجزري: «عبارة عن استقامة السيرة والدين، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس، تحمل على ملازمة التقوى والمروءة (٢) جميعاً، حتى تحصل الثقة للنفوس بصدقه، ولا تشترط العصمة من جميع المعاصي، ولا يكفي اجتناب الكبائر بل من الصغائر ما ترد به الشهادة والرواية، وبالجملة فكل ما يدل على ميل دينه إلى حد يستجيز على الله الكذب بالأغراض الدنيوية، كيف وقد شرط في العدالة التوقي عن بعض المباحات القادحة في المروءة نحو: الأكل والشرب في السوق، والبول في الشوارع و نحو ذلك؟» (٣) فعلى هذا يشترط في الراوي حتى يسمى عدلاً: أن لا يفعل الكبائر، ولا يصر على الصغائر، ولا يفعل ما يخرم مروءته.

رابعاً: الضبط (٤): هو إتقان ما يرويه الراوي بأنْ يكون متيقظاً لما يروي غير مغفل، حافظاً لروايته إنْ روى من حفظه، ضابطاً لكتابه إنْ روى من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه و بما يحيل المعنى عن المراد إنْ روى بالمعنى، حتى يثق المطلع على روايته والمتتبع لأحواله بأنَّه أدى الأمانة كما تحمّلها لم يغير منها شيئاً (٥)، وهذا مناط التفاضل بين الرواة الثقات، فإذا كان الراوي عدلاً ضابطاً سمي ثقة (٦).


(١) انظر: " نزهة النظر ": ٣٨، و " إرشاد الفحول ": ٢٠٤.
(٢) المروءة: آداب نفسية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات. وقال بعضهم: هي كمال المرء كما أنَّ الرجولة كمال الرجل. وقال بعضهم: المروءة هي قوة تصدر عنها الأفعال الجميلة المستتبعة للمدح شرعاً وعقلاً وعرفاً. انظر: " المنهج الحديث ": ٥٨ - ٥٩.
(٣) " جامع الأصول " ١/ ٧٤.
(٤) انظر: " معرفة أنواع علم الحديث ": ٢١٧ بتحقيقي، و " البحر المحيط " ٤/ ٣٠٧، و " التقييد والإيضاح ": ١٣٦، و" إرشاد الفحول ": ٢١٢، و " نزهة النظر ": ٣٩.
(٥) انظر: هامش " جامع الأصول " ١/ ٧٢، و " أسباب اختلاف المحدثين " ١/ ١٣٥.
(٦) انظر: " العواصم " ٨/ ٢٧، و " فتح المغيث " ١/ ٢٨ ط. العلمية، و ١/ ٢٤ - ٢٥ ط. الخضير، و" تدريب الراوي " ١/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>