للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الزيادة في المتن: وهي أنْ يروي أحد الرواة زيادة لفظ أو جملة في متن الحديث لا يرويها غيره. وهذا القسم لا يقل شأناً عن سابقه؛ لأنَّه يبحث في كلام النبي ، فقد يزاد في كلامه ما ليس منه، كأنْ يدرج بعض الرواة في كلامه أو يزيد فيه لفظاً نتيجة خطأ من الراوي، فلذلك أولى المحدّثون هذا الجانب من علوم الحديث جل اهتمامهم، وأفرغوا في تحصيله الوسع، وأسهبوا في تمييز أقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته من أقوال غيره وأفعالهم.

[من هو الثقة؟]

كثيراً ما نجد في كتب الحديث اصطلاح: (زاد فلان كذا والزيادة من الثقة مقبولة) أو: (رفعه فلان وهو ثقة) وغير ذلك من العبارات التي تفضي إلى أنَّ أحد الثقات قد أغرب عن بقية الثقات بزيادة ما. وقد اختلف العلماء في حكم حديث على هذه الشاكلة. فبعضهم رده وأعله بالمخالفة، وبعضهم قبله تحت ذريعة قبول زيادة الثقة. ولكن هل كل ثقة تقبل زيادته؟ فلو اطّرد هذا القبول لما بقي حديث على وجه الأرض اختلف الحفاظ فيه بأمر ما، إلا وكانت الزيادة راجحة والأخرى مرجوحة؛ لأنَّ عدد الثقات كبير والحمد لله، بل قال الذهبي: «وحصر الثقات في مصنف كالمتعذّر» (١) إذن فقيد الثقة يجب أن يقيد بقيد آخر، وهذا القيد بيّنه الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف طيب الله ثراه، فقال: « … ولذلك نجد الدارقطني يقول أحياناً: فلان ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة، وهو بالضرورة لا يعني آحاد الثقات الذين لا يتميزون بمزيد تثبت وإتقان، أو بمزيد حفظ، أو بأصحية كتاب، أو بطول ملازمة للشيخ .. ألخ، بل يقصد الحفاظ المبرّزين في الحفظ والإتقان. ولو كان الأمر كما قال الحاكم - عفا الله تعالى عنه - ما استحق علم علل الحديث أنْ يوصف بأنَّه أوعر وأدق علومه على الإطلاق،


(١) " الموقظة ": ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>