للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث لا يقوم به ولا يطيقه إلا جهابذة النقاد وحذاقهم، ولما كان لتصنيف مثل ابن المديني والنسائي والبرديجي وابن رجب (أصحاب فلان) من المشاهير، وذكر طبقاتهم ومعرفة المقدم والمؤخر، بل والثقة المضعف في شيخ من الشيوخ - كبير فائدة، بل لاستوى المبتدئ في هذا العلم مع الناقد الجهبذ لو علم فقط من مثل " تقريب التهذيب " أنَّ فلاناً من الرواة ثقة، وأنَّ مخالفيه أيضاً ثقات بعد اجتماع وجوه الاختلاف عنده بالحاسوب مثلاً، ولذلك نجد المذهب الذي انتصر له الحاكم، (وسيأتي مثله عن الإمام النووي جميعاً) (١) لم يأخذ به إلا المتسمحون أمثال ابن حبان، والضياء المقدسي بحيث صححوا عشرات الأحاديث المعلولة إسناداً أو متناً» (٢).

ومما يزيد في مراد الدارقطني بالثقة ما نقله الحافظ عن سؤالات السلمي (٣) أنَّ الدارقطني سئل عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات قال: «ينظر ما اجتمع عليه ثقتان فيحكم بصحته أو ما جاء بلفظة زائدة، فتقبل تلك الزيادة من متقن، ويحكم لأكثرهم حفظاً وثبتاً على من دونه» (٤). ثم نقل الحافظ عنه أنَّه رد زيادة زادها يحيى بن أبي كثير - وهو من هو في الضبط والإتقان -.

وتدخل في هذا المطلب أيضاً زيادات غير الثقات، وهذه قال عنها الحافظ: «وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ، ولا متقن، فإنَّها لا يلتفت إليها» (٥). وكذا لو وثّق بعض أهل العلم راوٍ ما، والجمهور على تضعيفه أو


(١) هذه الأقواس والتي قبلها من صنيع الشيخ رحمه الله تعالى، وأسكنه فسيح جناته.
(٢) " أحاديث ومرويات في الميزان " ٢/ ٤٣. وقد يلتبس على بعضهم أنَّ في هذا الكلام تخليطاً إذ كيف يتبع ابن حبان ما ذهب إليه الحاكم، والصواب أنَّه لا لبس في النص، إذ إنَّ الحاكم تابع لمن قبله كابن حبان وغيره، وإنما اعتمد الشيخ على كلام الحاكم ومشى عليه، وصنيع الشيخ محمد في نقله هكذا عن الحاكم ابتداءً صنيع جيد يدل على جودة قريحته وحسن عمله، وتفننه بهذا
الفن؛ فكتاب الحاكم في هذا مختص بالمصطلح، بل إنَّ بعضهم عدّه رائد التصنيف في المصطلح.
(٣) انظر بلا بد تعليقي على هذه اللفظة في تحقيقي للنكت.
(٤) " نكت ابن حجر " ٢/ ٦٨٩ و: ٤٦٥ - ٤٦٦ بتحقيقي.
(٥) " نكت ابن حجر " ٢/ ٦٩٠ و: ٤٦٦ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>