للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصول السنة خلافاً ظاهراً لكنَّه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ، فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله إذا كان معروفاً بالتحرز من الكذب، مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة، موصوفاً بالديانة والعبادة، فقيل: يقبل مطلقاً وقيل: يرد مطلقاً» (١).

وقال الإمام علي بن المديني: «من تنقص أحداً من أصحاب رسول الله أو أبغضه لحدث كان منه أو ذكر مساوءه، فهو مبتدع حتى يترحم عليهم جميعاً؛ فيكون قلبه لهم سليماً» (٢).

[حكم المبتدع وحديثه]

هذا المبحث يدخل في علم الجرح والتعديل وهو من أخطر مباحثه؛ كونه يدخل في الراوي أموراً خارجة عن ضبط الراوي وعن مروياته، وإنَّما يبحث في ما يعتقده الراوي وما يدين الله به؛ لذا فقد اختلفت مشارب بعض الرواة في أمور في العقيدة، وهذا الاختلاف في بعض أمور العقيدة نتج عنه أن يكفِّر بعضهم بعضاً، وفي ذلك يقول ابن دقيق العيد: «المخالفة في العقائد: فإنَّها أوجبت تكفير الناس بعضهم لبعض أو تبديعهم، وأوجبت عصبية اعتقدوها ديناً يتدينون به، ويتقربون به إلى الله، ونشأ من ذلك الطعن بالتكفير، أو التبديع، وهذا موجود كثيراً في الطبقة المتوسطة من المتقدمين، والذي تقرر عندنا لا تعتبر المذاهب في الرواية» (٣)، وقال الحافظ ابن حجر: «من المعلوم أنَّ كل فرقة ترد قول مخالفها، وربما كفرته، فينبغي التحري في ذلك» (٤). وأما المكفرات فقد بينها البقاعي فقال: « .. فكل من جحد مُجْمَعاً عليه معلوماً من الدين بالضرورة كفر، سواء كان فيه نص أو لا، ومعنى العلم بالضرورة: أن يكون ذلك المعلوم من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في


(١) " هدي الساري ": ٥٤٩.
(٢) " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " ١/عقب (٣١٨)، وانظر: " السنة " للخلال (٧٥٥) - (٧٧٣).
(٣) " الاقتراح ": ٢٩١ - ٢٩٢.
(٤) انظر: " النكت الوفية " ١/ ٦٤٦ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>