للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا وجد الباحث تحريفاً أو تصحيفاً في حديث ما، فهل باب التصحيح مفتوح أمام الأنام؟ هذا التساؤل أجاب عنه ابن الصلاح إذ قال: «والأولى سد باب التغيير والإصلاح؛ لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، وهو أسلم مع التبيين فيذكر ذلك عند السماع كما وقع، ثم يذكر وجه صوابه: إما من جهة العربية، وإما من جهة الرواية، وإنْ شاء قرأه أولاً على الصواب .. وهذا أولى من الأول (١)؛ كيلا يُتقوَّل على رسول الله ما لم يقل» (٢). وعلى المصحِّح أنْ يتأنى ويتروى فيما يقف عليه من إشكال، فلعل ما يحسبه وهماً صواباً، إذ إنَّ لغة العرب متشعبة طويلة جذورها، قال ابن الصلاح: «وكثيراً ما نرى ما يتوهمه كثيرٌ من أهل العلم خطأ - وربما غيّروه - صواباً ذا وجه صحيح، وإنْ خفي واستُغرب، لا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية؛ وذلك لكثرة لغات العرب وتشعبها» (٣)، وقال السخاوي: «ومن ثم أشار ابن فارس (٤) إلى التروي في الحكم على الرواية بالخطأ، والبحث الشديد؛ فإنَّ اللغة واسعة» (٥).

[أنواع التصحيف والتحريف]

يتنوع التصحيف والتحريف - حسب وجودهما - إلى تسعة أنواع:

[النوع الأول: التصحيف والتحريف في الإسناد]

وهو قسمان: الأول: تصحيف صيغة الرواية، وذلك جرّاء اختصارها مثل (نا) و (ثنا) و (دثنا) أي: حدثنا، و (أنا) و (أرنا) و (أنبا) أي: أخبرنا، وهذا الأخير قال عنه


(١) ويقصد به الإقدام على تغيير الخطأ في الكتب وإصلاحها.
(٢) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٢٩ بتحقيقي.
(٣) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٢٨ بتحقيقي.
(٤) في ط. العلمية: «أبو فارس» وهو خطأ.
(٥) " فتح المغيث " ٢/ ٢٣٤ ط. العلمية و ٣/ ١٥٨ - ١٥٩ ط. الخضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>