للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المصنفات في هذا الفن]

بزغ فجر التصنيف العلمي خلال القرن الثالث الهجري على يد علي بن المديني، على الرغم من قلّة البارعين الممارسين لهذا العلم، ونوّه ابن رجب بفائدة التصنيف في هذا العلم بقوله: «فلولا التصانيف المتقدمة فيه، لما عُرف هذا العلم اليوم بالكلية، ففي التصنيف فيه ونقل كلام الأئمة المتقدمين مصلحة عظيمة جداً، وقد كان السلف الصالح مع سعة حفظهم، وكثرة الحفظ في زمانهم، يأمرون بالكتابة للحفظ، فكيف بزماننا هذا! … » (١).

وما زالت الجهود الطيبة باسقة في سبيل الحفاظ على هذا التراث متمثلة بتصانيف أئمة هذا العلم على أفنانها، فمنها ما اختص بكتابٍ معينٍ، ومنها ما اهتم بموضوع معين، أو بحديثٍ أو صحابيٍ أو غير ذلك، وبالنظر في آثار المؤلفين القدماء والمعاصرين نلمح التفاوت الكبير فيما بينهم، فضلاً عن المناهج المختلفة، وفي مقدمة ما نلحظه، التصنيف في العلل بالمعنى العام لها، فمنهم من ذكر القوادح الخفية والجلية، بل توسّع فيها فذكر ما ليس بقادح.

وهذا التوجه وإن كان فيه من الفوائد، غير أنَّه يخرج بالعلة عن معناها الاصطلاحي، فضلاً عن أنَّه أدخل إلى مصنفات العلل ما ليس منها؛ اعتماداً على أسمائها، وقد أشار الدكتور علي الصياح إلى هذا المعنى حين ذكر كتاب " علل الأحاديث " للحسن بن محبوب بن وهب الشراد البجلي (٢٢٤ هـ)، وتعجّب من ذكر هذا الكتاب ضمن كتب علل الحديث؛ لأنَّ صاحب هذا الكتاب من أعيان الشيعة ورجالاتهم، قال: «ويبدو أنَّ كتاب علل الأحاديث للشراد يبحث في أحد موضوعين:

الأول: في جمع الطعون في الأحاديث التي يستدل بها أهل السنة والجماعة، كما فعل أبو القاسم البلخي (٣١٩ هـ) في كتابه " قبول الأخبار ومعرفة الرواة " في الطعن على المحدّثين وجمع المثالب - حسب زعمه -.


(١) " شرح علل الترمذي " ١/ ٤٢ ط. عتر و ١/ ٣٤٦ ط. همام.

<<  <  ج: ص:  >  >>