للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة» (١)، ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه في حديث ذكره: «ولم أزل أُفتّش عن هذا الحديث، وهَمَّني جداً حتى رأيته في موضع .. » (٢)، وقال أيضاً: «قلت لأبي زرعة: أيهما عندك أشبه؟ قال: الله أعلم، ثم تفكّر ساعة فقال: حديث الدراوردي أشبه، وسألت أبي، فقال: حديث معاوية أشبه» (٣).

وقد لا تظهر العلة للإمام الناقد ويكشفها إمام آخر، قال ابن حجر: «قد يخفى على الحافظ بعض العلل في الحديث، فيحكم عليه بالصحة بمقتضى ما ظهر له، ويطّلع عليها غيرهُ فيرد بها الخبر» (٤).

كما قد يعجز المعلل عن التعبير عما في نفسه من حجج، قال ابن حجر: «وقد تقصر عبارة المعلل منهم، فلا يفصح بما استقر في نفسه من ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، كما في نقد الصيرفي سواء» (٥)، وقال ابن خزيمة معلِّقاً على حديث صدقة الفطر: «ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم؟» (٦)، وقال ابن أبي حاتم: «سألت أبا زرعة عن حديث .. ٠ فقال أبو زرعة: هذا حديث منكر، قلت: تعرف له علة؟ قال: لا» (٧).

إذن فهذا العلم ليس من العلوم السهلة، ولا يستطيعه كل أحد، وهو علم يحتاج إلى استفراغ العمر من أجل التمكن فيه، ويحتاج إلى ورع تام، وصبر وتجلد في البحث والاستقراء والنظر والموازنة مع ضرورة وجود الدين المتين لدى الناقد حتى لا يخرج من السنة ما هو منها، ولا يدخل إليها ما ليس منها.


(١) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٧٨٩).
(٢) " علل الحديث " (٢٣٠٧).
(٣) " علل الحديث " (٢٢٩٥).
(٤) " نكت ابن حجر " ٢/ ٢٧١ و: ٨٨ بتحقيقي
(٥) " نكت ابن حجر " ٢/ ٧١١ و: ٤٨٥ بتحقيقي.
(٦) " مختصر المختصر " (٢٤١٩) بتحقيقي.
(٧) " علل الحديث " (١٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>