للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فإنَّه يجب قبوله لأدلة دلّت على ذلك، وقد يُتوقف فيه أحياناً؛ لمعارضته بما يقتضي التوقف فيه، كما توقف النبي في قول ذي اليدين حتى تُوبع عليه» (١).

وهذا النوع وثيقة صلته بمباحث الناسخ والمنسوخ، إذ قد يكون الخبران المتعارضان في الظاهر غير متعارضين، بأن يكون أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً (٢).

وتحت هذا النوع أمور منها: معارضة خبر الآحاد لنصوص القرآن

الكريم، ومعارضته لحديث آخر، وكذلك معارضة خبر الآحاد لإجماع أهل المدينة، وللقياس، وللقواعد العامة وغيرها مما سيأتي في هذا القسم.

[١ - معارضة خبر الآحاد لنصوص القرآن الكريم]

من المتفق عَلَيْهِ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ أنَّ القرآن الكريم نُقل إلينا متواتراً، وهو من حَيْثُ الثبوت قطعي لا مراء فِيْهِ، في حين أنَّ خبر الآحاد لا يعدو كونه ظني الثبوت، إذ إنَّ احتمال وجود الخطأ في رِوَايَة الحفاظ الثقات المتقنين أمر وارد، وَقَدْ قَالَ الإمام أحمد: «ومن ذا الَّذِي يَعْرَى من التصحيف والخطأ» (٣).

وخبر الآحاد إذا كان معارضاً للقرآن الكريم، فإنَّ ذلك يدل على عدم صحته، إذ لو كان صحيحاً لما خالف القرآن.

وبسبب هَذِهِ الشبهة في خبر الآحاد، فإنَّه لا مجال للقول بقطعية ثبوته؛ لأنَّ «ما فِيْهِ شبهة لا يعارض ما لَيْسَ فِيْهِ شبهة» (٤). ومن ثَمَّ فإنَّه لا وجه للقول باستوائهما من ناحية الاستدلال، فضلاً عن تعارضهما وفي ذلك يقول الغزالي: «الظن ينمحي في مقابلة القاطع، فلا يبقى معه»، وقال ابن قدامة: «لا يتصور أن يتعارض علم وظن؛ لأنَّ ما عُلم، كيف يظن خلافه؟ وظن


(١) " فتح الباري " ٩/ ٤٢٤.
(٢) انظر: " معرفة مدار الإسناد " ٢/ ٧٤.
(٣) " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث ": ٣٨٣ بتحقيقي، و " فتح المغيث " ٣/ ٦٤ ط. العلمية و ٣/ ٤٥٧ ط. الخضير، و " تدريب الراوي " ٢/ ١٩٣.
(٤) " أسباب اختلاف الفقهاء ": ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>