للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافه شك، فكيف يشك فيما يعلم» (١)؛ لذا نجد فقهاء الحنفية (٢) وبعض فقهاء المالكية (٣) عند معارضة خبر الآحاد لنصوص القرآن الكريم يوجبون ردّه، أو تأويله عَلَى وجه يجمع بَيْنَهُمَا. ويُعلّلون هَذَا الاشتراط: بأنَّ «خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب، والسهو والغلط، والكتاب دليل قاطع، فَلَا يقبل المحتمل بمعارضة القاطع، بَلْ يخرج عَلَى موافقته بنوع تأويل» (٤).

وبالمقابل فإننا نجد الجُمْهُوْر يلغون هَذَا الاشتراط، ويجوِّزون تخصيص عموم نصوص الكِتَاب بخبر الواحد عِنْدَ التعارض، كَمَا يجوز تقييد ما أطلق من نصوصه بِهَا (٥)؛ وذلك أنّ الحنفية ومن وافقهم يرون الزيادة عَلَى النص نسخاً (٦)، وكيف يصح نسخ المقطوع بالمظنون؟

قال ابن حجر: «وأجاب بعض الحنفية بأنَّ الزيادة على القرآن نسخ، وأخبار الآحاد لا تنسخ المتواتر» (٧).

فقد قال الشافعي: «وليس يخالف الحديث القرآن، ولكن حديث رسول الله مبين معنى ما أراد الله، خاصاً وعاماً، وناسخاً ومنسوخاً، ثم يلزم الناس ما سُنَّ بفرض الله، فمن قَبِلَ عن رسول الله فعن الله ﷿ قَبِلَ» (٨).

وذهب الكلوذاني - من الحنابلة - قريباً من مذهب الحنفية والمالكية


(١) انظر: " القطعي والظني ": ٦٣٦.
(٢) انظر: "أصول السرخسي" ١/ ٣٤٤، و " الفصول في الأصول " ٣/ ١١٤، و" ميزان الأصول ": ٤٣٣ تح محمد زكي عبد البر و ٢/ ٦٤٢ تح د. عبد الملك السعدي، و" التلويح "٢/ ١٥ - ١٦.
(٣) انظر: " إحكام الفصول " للباجي ١/ ٤١٧ (٤١٩).
(٤) " ميزان الأصول ": ٤٣٤ تح محمد زكي عبد البر و ٢/ ٦٤٣ تح د. عبد الملك السعدي.
(٥) انظر: " أسباب اختلاف الفقهاء ": ٣٠١.
(٦) انظر: " أصول السرخسي " ٢/ ٨١ - ٨٢، و" الفصول في الأصول " ٢/ ٣١٣، و" ميزان الأصول ": ٧٢٥ تح محمد زكي عبد البر و ٢/ ١٠١٣ تح د. عبد الملك السعدي.
(٧) " فتح الباري " ٥/ ٣٤٦ عقب (٢٦٧٠).
(٨) " الأم " ٩/ ١٩٤ ط. الوفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>