للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: «ومن ذلك أنْ يدفع مقتضى خبر الواحد الكتاب أو السنة المتواترة، ولا يكون ذلك إلا إذا نفى أحدهما ما أثبته الآخر على الحد الذي أثبته، نحو أن يرد في أحدهما: ليصل فلان في الوقت الفلاني في المكان الفلاني على الوجه الفلاني، وينهى في الآخر عن هذه الصلاة على هذا الحد فلا يقبل الخبر؛ لأنا قد علمنا أنَّ الله تعالى تكلم بالآية، وأنَّ النَّبيَّ تكلم بما ورد به التواتر، فلو أخذنا بخبر الواحد، لكنا قد تركنا ما علمنا أنَّ المشرع قاله إلى ما لا نعلم أن صدق (١)، فنترك اليقين بالشك، وهذا لا يجوز» (٢).

ومنع ابن حزم العمل بما خالف القرآن بقوله: «وما كان خلافاً لظاهر القرآن دون نصٍ من بيان النَّبيِّ فلا يجوز القول به، وليس يوجب هذا القول قياس، ولا نظر» (٣).

ونقل الزركشي عن أبي زيد قال: «خبر الواحد يعتقد زيفه من وجوه أربعة: العرضُ على كتاب الله، ورواجه بموافقته، وزيافته بمخالفته، ثم على السنة الثابتة عن رسول الله وهي الثابتة بطريق الاستفاضة … » (٤).

وقال أحد الباحثين: «اعلَم أنَّه يخطئ على هذا العلم من أقام المعارضة بين القرآن والحديث يزعم صحته، فالمفارقة بين طريقي نقلهما كافية للقضاء أنْ لا يوجد حديث يقوم لمعارضة القرآن. لذا ما يمكن تصور وجودِهِ من ذلك إن كان ظاهره الصحة نقلاً، فلا يخلو من أحد حالين:

الأول: أن تكون المعارضة بينه وبين القرآن، لا تعدو أن تكون غلطاً من مُدَّعيها، لا غلطاً في نفس الأمر، وهذا يكون تارة وهماً، وتارة هوى.

والثاني: أن تكون معارضة حقيقية، وعندئذ لا يسلم الإسناد من علة خفية.

والمقصود: منع وقوع التعارض الحقيقي بين آية من كتاب الله وحديث


(١) كذا في المطبوع، ولعل الصواب: «أنه صدق».
(٢) " التمهيد في أصول الفقه " ٣/ ١٤٨ - ١٤٩.
(٣) " المحلى " ٥/ ٢٩.
(٤) " البحر المحيط " ٣/ ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>