للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، قال قال رسول الله : "يهلك الناسَ هذا الحيُّ من قريش" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "لو أنَّ الناس اعتزلوهم".

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ٢/ ٣٠١ عقب الحديث: "وقال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث، فإنَّه خلاف الأحاديث عن النبي يعني قوله: "اسمعوا وأطيعوا واصبروا"" (١).

وقال الحافظ في "فتح الباري" ١٣/ ١٤ عقب (٧٠٥٨): "المراد بعض قريش - وهم الأحداث - منهم لا كلهم، والمراد أنَّهم يُهلكون الناسَ بسبب طلبهم الملك والقتال لأجله، فتفسد أحوال الناس، ويكثر الخبط بتوالي الفتن، وقد وقع الأمر كما أخبر ، أما قوله: "لو أنَّ الناس اعتزلوهم" محذوف الجواب وتقديره: لكان أولى بهم، والمراد باعتزالهم أنْ لا يداخلوهم ولا يقاتلوا معهم ويفروا بدينهم من الفتن".

انظر: "إتحاف المهرة" ٣/ ٥٤ (٢٥١٦)، و"أطراف المسند" ١/ ٦٥٦ (١٣٢٢)، و "السلسلة الضعيفة" (١٦٤٣).

[المعنى الثاني: التدليس]

هُوَ أحد الأسباب الرئيسة المهمة في علم علل الحديث؛ لأنَّ التدليس يكشف عَنْ سقوط راوٍ أحياناً، فيكون لهذا الساقط أثر في اختلاف الأسانيد والمتون، أو يكون الراوي ضعيفاً ولم يتابع، فيضعف الحديث من أجله، ولابدّ لنا من تفصيل القَوْل في التدليس.


(١) هذا اجتهاد من الإمام المبجل أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة ينازعه فيه غيره من المتقدمين مثل البخاري ومسلم اللذينِ صححا الحديث، وليس من شرط الحديث الصحيح أن يتفق الجميع على تصحيحه؛ لأن التصحيح والتضعيف من الأمور الاجتهادية، والاجتهاد يقع فيه الصواب وغيره، وهنا يكون لنا موقفٌ في الترجيح بين أقوال المتقدمين إذا اختلفوا في حكم؛ فنرجح بقرائن ومرجحات من جنس مرجحاتهم وقرائنهم، أما إذا اتفقوا على شيء فلا يسعنا مخالفتهم البتة، فهم أهل الصنعة وهم أهل الحفظ والضبط والاتقان، وقد عاينوا الرواية وواكبوا الطرق وعاصروا الرواة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>