للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك دل على أنَّه من عمله، ولكن بقي الآخر ممكناً، وباعتبار إمكانه لم أكتب هذا في باب الأحاديث التي أوردها على أنها متصلة وهي

منقطعة» (١).

[٦ - سلوك الجادة]

السلسلة المعروفة تسبق إليها الألسن بخلاف السلسلة الغريبة لا يقولها إلا حافظ متقن، وقد اختلفت عبارات المحدّثين في التعبير عن هذا المعنى، فقال ابن المديني: «سلك الحجة (٢)» (٣)، وقال أبو حاتم: «لزم الطريق» (٤)، وقال الحاكم: «أخذ طريق المجرّة» (٥)، وقال الحافظ ابن حجر: «تبع العادة وسلك الجادة» (٦)، ولكن هذا الاختلاف لا يؤثر في أصل المسألة، فما أنْ تذكر إحدى هذه العبارات حتى يفهم أنَّ الراوي سبق لسانه إلى أحد الأسانيد المشهورة، وكثرة تداول إسناد بصورة واحدة، تجعله إسناداً مشهوراً تسبق إليه الألسنة، وهو المراد به المحجة والطريق والمجرة والجادة، ويسهل حفظه لكثرة تكراره، وربما اشترك هذا الإسناد المشهور مع إسناد آخر في بعض رجاله واختلف في بعضهم ويراد رواية الإسناد غير المشهور، فيهم الراوي فيذكر الإسناد المشهور؛ لكثرة تكراره على الألسنة، قال ابن رجب: «فإنَّ عروة عن عائشة، سلسلة معروفة يسبق إليها لسان من لا يضبط وَوَهمُهُ (٧) بخلاف عروة عن ابن عمر، فإنَّه غريب لا يقوله إلا حافظ متقن» (٨)،

لهذا يُرجح العلماء ما خرج عن الجادة؛ لأنهُ قرينة على حفظ الراوي، قال ابن رجب: «فإن كان المنفرد عن الحفاظ مع سوء حفظه قد سلك الطريق


(١) " بيان الوهم والإيهام " ٢/ ٦٣.
(٢) هكذا في المطبوع وقد يكون الصواب: «المحجة»؛ لأنها بمعنى الطريق، أما المثبت فلم يأتِ بهذا المعنى.
(٣) " نتائج الأفكار " ٢/ ١٩٤.
(٤) " العلل " لابنه (٢٨٨).
(٥) " معرفة علوم الحديث ": ١١٨ ط. العلمية وقبيل (٢٨٧) ط. ابن حزم.
(٦) " النكت " ٢/ ٦١٠ و: ٣٨١ بتحقيقي.
(٧) «يقال: وَهَمَ الرجل، إذا ذهب وَهْمُه - أي ظنه - إلى الشيء. ووَهِمَ فيه مكسورة الهاء، إذا غلط. وأوهم: إذا سقط». " إصلاح غلط المحدّثين ": ٧٠.
(٨) " فتح الباري " ٥/ ٣٥ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>