للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع السابع من العلل المشتركة: المنكر]

إنَّ الثقة قد يخطئ لكن أكثر الأخطاء من الرواة الضعفاء أو سيئي الحفظ، وهذه الأخطاء قد تصحبها أمور أخرى كالتفرد والمخالفة، وقد تقدم في فصل الحديث الشاذ أنَّ الثقة حينما يخالف غيره من الرواة الثقات مع التفرد يحكم على حديثه بأنَّه شاذ، كذلك الضعفاء أحياناً يتفردون ويخالفون - بل هو الأكثر - فحينئذٍ يحكم على أحاديثهم بأنَّها منكرة، وهذا الذي ذكرنا إنَّما هو على ما استقر عليه الاصطلاح، أما المتقدمون فلهم معانٍ مغايرة للمنكر، وكما حصل خلاف في حدِّ الحديث الشاذ فإنَّ الخلاف نفسه حاصل في الحديث المنكر، بل هو أكثر.

والمنكر لغة: خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإنكار والمنكر، وهو ضد المعروف، وكل ما قبحه الشرع وحرّمه وكرهه: فهو منكر، ونكره ينكره نكراً، فهو منكور، واستنكره فهو مستنكر، ونَكِرَ الأمر نكيراً وأنكره إنكاراً ونكراً جهله (١)، قال ابن فارس: «النون والكاف والراء أصل صحيح يدل على خلاف المعرفة التي يسكن إليها القلب، ونكر الشئ وأنكره: لم يقبله قلبه، ولم يعترف به لسانه» (٢) وجاء التدليل على هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: ﴿فلما جاء آل لوطٍ المرسلون * قال إنكم قوم منكرون﴾ (٣)، وكقوله تعالى: ﴿إذ دَخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون﴾ (٤).

أما في الاصطلاح فقد حصل تضارب كبير في حده، ولعل أول من


(١) (?) انظر: " لسان العرب "، مادة (نكر).
(٢) (?) " مقاييس اللغة " مادة (نكر).
(٣) الحجر: ٦١ - ٦٢.
(٤) الذاريات: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>