للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زالت قائمة، لاسيما أنَّ إعلال الأئمة للأحاديث مبني على الاجتهاد وغلبة الظن، وباب الاجتهاد لا يحل لأحد غلقه (١)، وكذلك فإنَّ من واجب المتأخرين

شرح كلام المتقدمين وبيان مرادهم في إعلالات الأحاديث، والترجيح عند الاختلاف.

[ثمرته]

لكل علم إذا استوى على سوقه ثمرة، وثمرة علم علل الحديث الرئيسة حفظ السنة، ففي حفظها صيانة لها، ونصيحة للدين، وتمييز ما قد يدخل على رواتها من الخطأ والوهم وكشف ما يعتريهم، وبيان الدخيل فيها، وبها تقوى الأحاديث السليمة؛ لبراءتها من العلل (٢).

[تاريخه]

يمكن جعل البداية الحقيقية لهذا العلم من مرحلة النقد الحديثي الذي ابتدأت بواكيره على أيدي كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعلي (٣)، فهم أول من فتّش عن الرجال في الرواية، وبحثوا عن النقل في الأخبار.

ثم تلقّى التابعون عن الصحابة نقد الأخبار وتمييز الروايات، كسعيد بن جبير، والشعبي، وابن سيرين، وفي هذا العصر ازدادت الحاجة إلى النقد، حيث طرأت أمور دعتهم إلى نقد المرويات وتمييزها، فقد كثرت الفتن، وتعددت الفرق، وظهرت البدع والمحدثات، كبدعة التشيع والخوارج، وكثر المشتغلون بعلم الحديث، واتسعت دائرتهم، وزادت أعداد حملة الآثار، ونشطوا للرحلة والطلب .. فدخل في ذلك من يحسن ومن لا يحسن، واختلفت أغراض الرواة، وتعددت مشاربهم (٤).

وفي عصر تابعي التابعين زادت الأمور السالفة خطراً، فانتشرت البدع


(١) انظر: " تحرير علوم الحديث " ٢/ ٦٤٩.
(٢) انظر: " الخبر الثابت ": ١٢٥، و " العلة وأجناسها ": ٨.
(٣) انظر: " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ٨٣ - ٨٤.
(٤) انظر: " العلة وأجناسها ": ٢٦ - ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>