للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طرائق كشف العلة]

لم تأتِ طرائق معرفة العلة مزاجية أو اعتباطية، بل جاءت تبعاً لما جاشت به صدور النقاد، وكانت طرق معرفة العلة والكشف عنها مبنية على معرفة أسباب وقوع العلة وتصور تلك الأسباب، فتنوعت هذه الطرائق واختلفت، وهذا التنوع والاختلاف لم يخرج عن مساره الحقيقي وهو بيان علل

الأحاديث، والطرائق التي ترشد إلى كشف العلة هي:

١ - جمع طرق الحديث شريطة الفهم والمعرفة؛ ليتبين اختلاف الرواة ومقدار التوافق، وهذه الطريقة قد نصّ عليها أهل العلم، قال الخطيب: «والسبيل إلى معرفة علة حديث أنْ يجمع بين طرقه … » (١)، ونقل عن علي بن المديني أنَّه قال: «الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه» (٢)، ونقل عن

يحيى بن معين أنَّه قال: «لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه» (٣)، كما نقل عن عبد الله بن المبارك قوله: «إذا أردت أنْ يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض» (٤)، وقال الإمام أحمد: «الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً» (٥)، وإن كان كلام أحمد ليس خاصاً بالعلل، وقال مسلم: «فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض، تتميز صحيحها من سقيمها، وتتبين رواة ضعاف الأخبار من أضدادهم» (٦).

قال العراقي: «وتدرك العلة بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك يهتدي الجهبذ، أي: الناقدُ بذلك إلى اطلاعه على إرسال في


(١) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٩١٢).
(٢) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥٢).
(٣) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥٠).
(٤) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٩١٣).
(٥) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٦٥١).
(٦) " التمييز " قبيل (٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>