يظهر من خلال تعريف المنكر لغة واصطلاحاً أنَّهما يشتركان في معنى: الجهالة وعدم المعرفة، أي أنَّ الذي انفرد بحديث لم يأتِ به غيره أغرب عنهم وأتى بشيء لا يعرف من جهة أخرى، وهو بهذا المعنى أقرب إلى تعريف المتقدمين منه إلى تعريف المتأخرين، كما في تعريف الحافظ البرديجي حيث أطلق المنكر على حديث راوٍ انفرد بمتنٍ لم يتابع عليه من قبل غيره، وعلى ما سيأتي في بيان مناهجهم بعد قليل.
قال الدكتور حمزة المليباري:«المنكر في لغة المتقدمين أعم منه عند المتأخرين، وهو أقرب إلى معناه اللغوي»(١).
[«شروط الحديث المنكر»]
للحديث المنكر شروط اشترطها المتأخرون؛ لمحاولة تقريب المفاهيم، وضبط المسائل، وحدّها بحدود معروفة؛ لكي يسهل تناولها ودراستها، وهذه المسائل اصطلاحية، ولا مشاحة في الاصطلاح ـ هي:
أولاً: أن يكون الحديث فرداً، وهذا الشرط متفق عليه بين المتقدمين والمتأخرين على حد سواء.
ثانياً: أن يروي الراوي حديثاً يخالف فيه غيره من الرواة الثقات، وهذا الشرط موجود في كلام بعض المتقدمين، كما في تعريف الإمام مسلم الذي يدل على اشتراطه المخالفة في حد المنكر.
ثالثاً: أن يكون الراوي المتفرد والمخالف ضعيفاً، وهو الذي اشترطه الحافظ ابن حجر وشهره وأيده أغلب من جاء بعده، إلا أنَّ هذا الشرط لم يسلم من الاعتراض قال الشيخ طارق عوض الله: «إنَّ إنكار الأئمة - عليهم رحمة الله - للحديث سابق لتضعيفهم للراوي؛ لأنَّهم جعلوا ما يرويه من المناكير دليلاً على سوء حفظه وقلة ضبطه، و معنى هذا: أنَّهم عرفوا نكارة