للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يضعف حديث الراوي إذا جمع بين الشيوخ خاصة، بخلاف ما إذا أفردهم، من ذلك قول شعبة لابن علية: «ما حدثك عطاء عن رجاله:

زاذان وميسرة وأبي البختري، فلا تكتبه، وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه» (١).

ويقبح الجمع بين الشيوخ؛ لأنَّه يوقع في الزلل والغلط، لا سيما إذا كان الحديث يرويه ثقة وضعيف، فيرويه الراوي ويُحمل أحدهما على الآخر، ثم يرويه بإسقاط الضعيف وهذا مما لا يجوز فعله.

وبالإمكان أنْ نسمي هذا النوع (الجمع بين الشيوخ) بتدليس المتابعة إذا كان في اللفظ اختلاف لم ينبه عليه الذي يجمع بين الشيوخ.

[١٥ - كيفية تحمل الحديث (المذاكرة)]

إنَّ من أنواع التحمل ما يكون سبباً في وقوع العلة، والمذاكرة هي نوع من أنواع تحمّل الحديث، فعن أبي سعيد الخدري ، قال: «تذاكروا الحديث؛ فإنَّ الحديث يهيج الحديث» (٢)، وعن علي ، قال: «تزاوروا وأكثروا ذكر الحديث؛ فإنَّكم إنْ لم تفعلوا يندرس الحديث» (٣)، وعن ابن مسعود ، قال: «تذاكروا الحديث؛ فإنَّ حياته المذاكرة» (٤).

وللمذاكرة فوائد عظيمة، فبها ينشرح صدر المحدّث للتحديث، وتذكر فيها غالب طرق الحديث الواحد وغير ذلك.

ولكن يحصل فيها نوع من التساهل قال ابن رجب: «والمذاكرة يحصل فيها تسامح، بخلاف حال السماع أو الإملاء» (٥)، وقال الذهبي: «إذا قال: حدثنا فلان مذاكرة، دلّ على وهن ما؛ إذ المذاكرة يتسمح فيها» (٦) فيجب الحذر عند تحمل الحديث في المذاكرة، لذلك كان الجهابذة يمنعون الناس


(١) " الكواكب النيرات " (٣٩).
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ١٤٠ ط. العلمية و (٣٦٠) ط. ابن حزم.
(٣) " معرفة علوم الحديث ": ١٤١ ط. العلمية و (٣٦١) ط. ابن حزم.
(٤) " معرفة علوم الحديث ": ١٤١ ط. العلمية و (٣٦٢) ط. ابن حزم.
(٥) " شرح علل الترمذي " ١/ ٤٤٢ ط. عتر و ٢/ ٦٤٦ ط. همام.
(٦) " الموقظة ": ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>