اهتمامهم على الوهم في السند وليس ذلك بمطرد، إذ إنَّ الأوهام الواردة في تلك الأسانيد ولّدتْ أوهاماً في المتن والإسناد، لكن العلة الرئيسة كانت بسبب تلك الأسانيد التي حصل فيها جمع للشيوخ، ويعضد هذا الكلام ما قال النووي:«أنْ يسمع حديثاً من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه فيرويه عنهم باتفاق»(١).
[أنواعه]
وفيه نوعان:
الأول: أن يروي الراوي الحديث عن عدد من الشيوخ اختلفوا في اللفظ لكن المعنى واحد، فيروي عنهم بلفظ واحد، ولا يشير إلى اختلاف ألفاظهم اعتماداً على اتحاد المعنى، فهذا يرجع إلى مبحث الرواية بالمعنى، فيتقيد جواز هذا الصنيع بشروط الرواية بالمعنى، لكن الاتقان يقتضي من الراوي أن يبين صاحب اللفظ، وفي حالة عدم علمه بما يميز لفظ بعضهم عن البعض يبين كذلك.
والآخر: أن يكون متن الحديث مجموعه من جماعة من الشيوخ ملفقاً، بأن يكون عن كل شيخ قطعة منه، فيخلط ألفاظهم ويسوق الحديث سياقاً واحداً بلا تمييز لما عند كل واحد منهم، فهذا لا يقبل إلا من حافظ متقن لحديثه عارف بمواضع الاتقان والاختلاف بين شيوخه كما تقدمت إشارة ابن رجب لصنيع الإمام الزهري في روايته لحديث الإفك، فإنَّه رواه عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن
عتبة بن مسعود كلهم عن عائشة ﵂.
قال الزهري: «وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت له اقتصاصاً، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدق بعضاً، وإن كان بعضهم أوعى