للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزهري شيوخه في حديث الإفك؛ لإمامته وجلالته، ولم يقبل مثل هذا ممن دونه (١).

وهذه الأنواع ليست كلها مشتهرة، إنَّما المشتهر مِنْهَا والشائع الأول والثاني وعند الإطلاق يراد الأول. وهذا القسم هُوَ الَّذِيْ لَهُ أثر في الاختلافات الحديثية متوناً وأسانيد، إِذْ قَدْ يكشف خلال البحث ولا سيما بَعْدَ التنقير والتفتيش عَنْ سقوط رجل من الإسناد، وربما كَانَ هَذَا الساقط ضعيفاً أَوْ في حفظه شيءٌ، أو لَمْ يضبط حديثه هَذَا.

ومن بدائه علم الْحَدِيْث أنَّ حَدِيْث الثقة ليس كله صحيحاً، كَمَا أنّ حَدِيْث الضعيف ليس كله ضعيفاً، ومعرفة كلا النوعين من أحاديث الفريقين ليس بالأمر اليسير، إنما يطّلع عَلَى ذَلِكَ الأئمة النقاد الغواصون في أعماق ما يكمن في الروايات من صحة أو خطأ.

وما دمت قد مهدت عن التدليس وأنواعه، فلا بد أنْ أذكر أموراً أخرى تتعلق بالتدليس، وهي:

أولاً: حكم التدليس، وحكم من عُرف بِهِ:

مضى بنا في تعريف التدليس لغة أنّ مجموع معانيه تؤول إلى إخفاء

العيب، وليس من معانيه الكذب، ومع ذَلِكَ فَقَد اختلف العلماء في حكمه، وحكم أهله.

فَقَدْ ورد عن بعضهم - ومنهم شعبة - التشديد فِيْهِ، فروي عَنْهُ أنَّه قَالَ:

«التدليس أخو الكذب» (٢)، وَقَالَ أَيْضاً: «لأنْ أزني أحب إليّ من أن أدلس» (٣) بل روي عن حماد بن زيد أنَّه قال: «التدليس كذب» (٤).


(١) وهذا النوع من أنواع علل الحديث ذكره ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل الترمذي ٢/ ٨١٣ ط. همام، و ٢/ ٦٧٢ ط. عتر بعنوان: «ذكر من ضعف حديثه إذا جمع الشيوخ دون ما إذا

أفردهم» ثم ساق تحت هذا الباب فوائد بديعة، رحمه الله تعالى، وهذا النوع شرحه شرحاً وافياً الشيخ سعد الحميّد في مقدمته لتحقيق علل ابن أبي حاتم ١/ ١٤٥ - ١٥٠.
(٢) " الكفاية ": ٣٥٥.
(٣) " الكفاية ": ٣٥٦.
(٤) " الكفاية ": ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>