للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له، وكان بقية من أفعل الناس لهذا. وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية، عن أبي وهب: حدثنا نافع؛ فهو وهم، غير أنَّ وجهه عندي: أنَّ إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث، ولما يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط، وتكنيته عبيد الله بن عمرو، فلم يفتقد لفظة بقية في قوله: حدثنا نافع، أو عن نافع» (١).

[الثالث: تدليس التسوية]

وصورة هذا القسم من التدليس أنْ يجيء المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة، وقد سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف، وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف، ويجعله الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة. وممن اشتهر بهذا النوع: الوليد بن مُسْلِم (٢)، ومبارك بن فضالة (٣)، وبقية بن الوليد (٤)، وصفوان بن صالح بن صفوان (٥). ويشترط فِيْهِ التحديث والإخبار من المدلِّس إلى آخره (٦).

وهذا النوع من التدليس قَدْ سماه القدماء تجويداً. أي يذكر فيه الجياد من أهل الإسناد، أو أنَّه جعل ظاهر الإسناد جيداً بهذا الصنع القبيح، أو لأنَّ المدلس يُبقي جيد رواته. وسماه صاحب ظفر الأماني (٧) بـ: " التحسين " أي أنَّ المدلس يحسن ظاهر الإسناد (٨).


(١) " العلل " (١٩٥٧).
(٢) وهو: ثقة كثير التدليس والتسوية. " التقريب " (٧٤٥٦).
(٣) وصفه بذلك ابن حجر في " التقريب " (٦٤٦٤).
(٤) وهو: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. " التقريب " (٧٣٤).
(٥) نقل ابن حجر في " التقريب " (٢٩٣٤) قول أبي زرعة الدمشقي فيه أنه كان يدلس تدليس التسوية.
(٦) انظر: " توجيه النظر ": ٥٦٨ - ٥٦٩، و " تدريب الراوي " ١/ ٢٢٦.
(٧) انظر: ٣٧٧.
(٨) انظر: "فتح المغيث" ١/ ٢١٤ ط. العلمية و ١/ ٣٣٩ ط. الخضير، و" تدريب الرَّاوِي " ١/ ٢٢٦، و "شرح ألفية السيوطي ": ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>