للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقوعه فيهما لا يولّد عِنْدَ الناقد استفهامًا عن كيفيته، ولا سيما أن تداخل الأحاديث فِيْمَا بينها شيء لا يكاد يذكر؛ نظرًا لقلة الأسانيد زيادة على قصرها. هَذَا فِيْمَا إذا لَمْ يخالف الثابت المشهور، أو من هُوَ أولى مِنْهُ حفظًا أو عددًا.

وإن كَانَ المتفرد ضعيفًا أو مجهولًا - فيما يخص التَّابِعِيْنَ - فحكمه بيّن وَهُوَ الرد إلا أن توجد قرائن أخرى ترفع الحَدِيث من حيز الرد إلى حيز القبول.

[الثاني: التفرد في الطبقات المتأخرة]

بعد أنْ نشط الناس لطلب العلم وأداموا الرحلة فيه والتبحر في فنونه، ظهرت مناهج متعددة في الطلب والموقف مِنْهُ، فكانت الغرس الأول للمدارس الحديثية التي نشأت فِيْمَا بَعْد، فكان لها جهدها العظيم في لَمِّ شتات المرويات وجمعها، والحرص على تلقيها من مصادرها الأصيلة، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإنَّ ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أو يكثر أصحابه، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (١).

ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين:

الأول: الفرد المطلق: وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (٢).

الثاني: الفرد النسبي: وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيهِ نسبيًا إلى جهة ما (٣)، فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة.


(١) انظر: " الموقظة ": ٧٧، و" الموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين ": ٢٤.
(٢) انظر: " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث ": ١٨٤ بتحقيقي، و" شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٢٨٦ بتحقيقي، و" نُزهة النظر ": ٣٦ - ٣٧.
(٣) انظر: " مَعْرِفَة أنواع علم الحديث ": ١٨٤ بتحقيقي، و" التقريب والتيسير ": ١١٩ - ١٢٠ بتحقيقي، و"فتح المغيث" ١/ ٢٣٩ ط. العلمية، ٢/ ٣٨ ط. الخضير، و" ظفر الأماني ": ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>