للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم، فلا يفصح بما استقر في نفسه من ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، كما في نقد الصيرفي سواء» (١).

من هذا العرض تتبين أهمية هذا العلم " علل الحديث "؛ لارتباطه بالحديث النبوي أولاً؛ ولأنَّه الفيصل بين الصحيح الذي ظاهره وباطنه السلامة وغيره.

[موضوعه]

ليس كل الأحاديث ظاهرها السلامة، ولا كل علة خفية، فمن الأحاديث علتها ظاهرة جلية، وهذه الأوصاف بحديث الضعيف ألصق، وليست من علم العلل في شيء، ومع ذلك وجدنا بعض العلماء قد أطلق العلة على الخفي منها والجلي، واستعمال اللفظ بمعناه العام من باب التوسع.

أما الحديث المعل فهو ما اجتمع فيه ركنا العلة، وهذا لا يكون سوى في أحاديث الثقات؛ لأنَّ حديث الضعيف خطؤه بَيّن يتصدى له الناقد على وفق قواعد معلومة، أما أحاديث الثقات فهي موضوع علم العلل وميدانه بمعناه الدقيق، ولا يتصدى لها إلا جهابذة النقاد.

وهذا النوع من النقد أوسع من الجرح والتعديل؛ لأنَّه يواكب الثقة في حله وترحاله، وأحاديثه عن كل شيخ من شيوخه، ومتى ضبط؟ ومتى نسي؟ وكيف تحمّل؟ وكيف أدَّى (٢)؟

إذن علم العلل يبحث عن أوهام الرواة الثقات، ويعمل على تمحيص أحاديثهم وتمييزها، وكشف ما يعتريها من خطأ، إذ ليس يسلم من الخطأ أحد.

وهنا سؤال يطرح نفسه، هل بنا اليوم حاجة إلى علم العلل؟

لما رأى الناس ضعف المتأخرين بهذا العلم، أدركوا أنَّ الحاجة إليه لا


(١) " نكت ابن حجر " ٢/ ٧١١ و: ٤٨٥ بتحقيقي.
(٢) انظر: مقدمة " شرح علل الترمذي " ١/ ٢٨ ط. همام.

<<  <  ج: ص:  >  >>