للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروه غيره، إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثاً فيشذ عنهم واحد فيخالفهم» (١).

ويرى أحد الباحثين أنَّ الشافعي إنَّما قال ذلك جواباً لمن رد حديث الواحد بدعوى الشذوذ (٢).

وأشار الإمام الشافعي في هذا التعريف إلى أنَّ مصطلح (شاذ) لا يحمل على إطلاق اللغة بالانفراد، بل هو انفراد خاص؛ إذ يحمل بين طياته مخالفة ثقة أو ثقات، في المتن أو في السند، قال البقاعي: «فالشرط مخالفة الثقة لمن هو أعلى منه صفة، كأنْ يخالف واحداً هو أوثق منه، أو عدداً، كأن يخالف اثنين مساويين له في الثقة فأكثر» (٣).

وقد سبق أنْ ذكرت أنَّ مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمرٌ طبيعيٌّ؛ إذ إنَّ الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحمّلهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها (٤).

وهذه التفاوتات الواردات في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات، ويميز الرواية المختلف فيها من غيرها، والشاذة من المحفوظة، والمعروفة من المنكرة.

[استعمال مصطلح (شاذ) عند المتقدمين والمتأخرين]

إنَّ مصطلح (شاذ) قليل الاستعمال لدى المتقدمين، قال الدكتور حمزة المليباري - وفقه الله -: «وجدير بالذكر أنَّ هذا المصطلح نادر الاستعمال لدى المتقدمين، فإذا تتبعت كتب العلل، فإنَّك لا تكاد تجد فيها كلمة (الشاذ)، ولا


(١) " الكفاية ": ١٤١.
(٢) هو الشيخ محمد مجير الخطيب في كتابه " معرفة مدار الإسناد " ٢/ ٣٧٨، وقد دلل على ذلك، والشافعي له السبق في الدفاع عن الاحتجاج بخبر الواحد، ينظر: كتاب " الرسالة ": ٣٤٢ وما بعدها وتعليقنا عليه.
(٣) " النكت الوفية " ١/ ٤٥٥ بتحقيقي.
(٤) قال الأثرم: «والأحاديث إذا كثرت كانت أثبت من الواحد الشاذ، وقد يهم الحافظ أحياناً» " فتح المغيث " ٢/ ٢١٩ ط. العلمية و ٢/ ٧ ط. الخضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>