للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح (١)، قال الحافظ ابن حجر: «ويختار في تفسير الشاذ أنَّه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه» (٢).

هذا الذي استقر عليه الاصطلاح مأخوذ من كلام المتقدمين، فقد روى البيهقي من طريق يونس بن عبد الأعلى (٣) قال: قال لي الشافعي: «الإجماع أكثر من الخبر المنفرد، وليس الشاذ من الحديث أنْ يروي الثقة ما لا يروي غيره، هذا ليس بشاذ، إنَّما الشاذ أنْ يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس، فهو الشاذ من الحديث» (٤) وروى الحاكم بمعناه (٥).

وهذا النص عن الإمام الشافعي نقله الخليلي فقال: «قال الشافعي وجماعة (٦) من أهل الحجاز: الشاذ عندنا ما يرويه الثقات على لفظ واحدٍ، ويرويه ثقة خلافه زائداً أو ناقصاً» (٧).

وأسنده الخطيب بلفظ: «ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثاً لم


(١) وإنما قلت هكذا؛ لأنَّ للشاذ تعريفين آخرين، أولهما: وهو ما ذكره الحاكم النيسابوري: أنَّ الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات، وليس له أصل متابع لذلك الثقة.
انظر: " معرفة علوم الحديث ": ١١٩ ط. العلمية وقبيل (٢٩٠) ط. ابن حزم. وثانيهما: هو ما حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني من أنَّ الذي عليه حفاظ الحديث أنَّ الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه، ولا يحتج به. انظر: " الإرشاد " ١/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٢) " النكت على كتاب ابن الصلاح " ٢/ ٦٥٣ - ٦٥٤، و: ٤٣٢ بتحقيقي، وقد أشار إلى هذا المعنى في " النزهة ": ٨٥.
(٣) انظر ترجمته في مقدمتي لمسند الإمام الشافعي ١/ ٢١.
(٤) في " معرفة السنن والآثار " ١/ ٨٢ المقدمة ط. العلمية و (١٦٩) ط. الوعي، والشافعي من أوائل من دَوّنَ في مصطلح الحديث، انظر: مقدمتي " لمسند الشافعي " ١/ ٢٤، ومقدمتي " للنكت الوفية " ١/ ٢٩.
(٥) انظر: " معرفة علوم الحديث ": ١١٩ ط. العلمية و (٢٩٠) ط. ابن حزم.
(٦) لا بد من الانتباه على أنَّ الخليلي أشرك مع الشافعي جماعة من أهل الحجاز، وانظر تعليقنا على " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٢٤٦.
(٧) " الإرشاد " ١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>