للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما آثار إهمال هذا الجانب فكشف عن أثر منها الحاكم عقب سوقه أحد أوهام الرواة إذ قال: «ومن تهاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم» (١)، وبَيّن عظيم خطره علي بن المديني فيما نقله العسكري بقوله: «أشد التصحيف: التصحيف في الأسماء» (٢).

ويجدر بالذكر أنَّ المحدّثين كانوا يمتحنون ضبط الراوي من عدمه، بمعرفته التامة ومقدار ضبطه لأسانيده، ولعل أشهر دليل على ذلك واقعة إمام الصنعة مع محدّثي بغداد.

[٦ - الانتباه على خصوصيات الرواة والفطنة لها.]

كم من راوٍ ثقة عدل وقد تكلم النقاد في بعض مروياته، فهم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف بخلاف بقية شيوخهم.

والأمثلة على ذلك كثيرة، مثل رواية الأعمش، عن أبي إسحاق، فإنَّها معلولة بالاضطراب، وكذا رواية سماك، عن عكرمة، ورواية إسماعيل بن عياش إذا روى عن غير الشاميين (٣).

أيضاً فإنَّ بعض الرواة تكلم فيهم، ولكنهم إذا رووا عن بعض الشيوخ كانوا ثقات كرواية زهير بن معاوية، عن الأعمش أو رواية عبد الرحمان بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة فكلاهما - زهير وعبد الرحمان - من الرواة المتكلَّم فيهم، إلا أنَّهما في روايتهما عن الشيخين المذكورين ثقتان صحيحا الحديث.

قال ابن رجب في التعليق على حديث رواه حجاج: «وحجاج بن أرطاة وإنْ كان مُتكلَّماً فيه إلا أنَّه فقيه يفهم معنى الكلام فيُرجَع إلى زيادته على مَن


(١) " معرفة علوم الحديث ": ١٧٨ ط. العلمية وقبيل (٤٤٣) ط. ابن حزم.
(٢) " تصحيفات المحدّثين ": ٥.
(٣) وهذا هو الأصل في رواية إسماعيل بن عياش، فإنْ كانت روايته عن أهل الحجاز فهي أشد ضعفاً، قال البيهقي ١/ ٢٤٠: «وإسماعيل بن عياش لا يحتج به خاصة إذا روى عن أهل الحجاز».

<<  <  ج: ص:  >  >>