للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني هذا أنَّهم لا يعتبرون الحديث الشاذ معلولاً، وإنَّما أوردوا ما يقال فيه الشاذ على كل المناهج بعبارات أخرى واضحة مثل قولهم: «هذا خطأ» «هذا غير محفوظ» «هذا وهم» أو نحو ذلك» (١).

وسبق أنَّ للشاذ تعريفين آخرين ذكرتهما في هامش قبل صفحات، وذكرت في المتن تعريف الشافعي؛ لأنَّه تعريف المتقدمين، ولأنَّ المتأخرين درجوا عليه، ولهجوا به في مصنفاتهم. على أنَّ بعض المتقدمين كان يطلق على الشاذ منكراً، مما حدا بابن الصلاح أنْ لا يفرق بينهما فقد قال - في المنكر -: «والصواب فيه التفصيل الذي بيناه آنفاً في شرح الشاذ. وعند هذا نقول:

المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ؛ فإنَّه بمعناه» (٢).

لكن المختار كما تقدم أنَّ الشاذ هو ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو أوثق منه عدداً أو حفظاً، ويقابله المحفوظ، وأنَّ المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات، ويقابله المعروف، مع وجوب الانتباه على الاستعمالات الأخرى التي يستعملها أهل العلم لتلك المعاني بإطلاقات أخرى، حتى يفهم طالب العلم ويدرك أقوال النقاد من أهل الحديث.

[الفرق بين الشاذ والمنكر]

إنَّ تفريق ابن حجر وأهل العلم بعده بين الشاذ والمنكر، وقصر مدلول الشاذ على الشاذ، والمنكر على المنكر، هو الأولى؛ كي لا تتداخل المصطلحات، فابن حجر ومن جاء بعده فرّقوا بين الشاذ والمنكر، وقصروا مدلول كل واحد على معناه، وقيدوا النوعين بقيد المخالفة، فإنْ كانت مخالفة مقبول (٣) فهو الشاذ، وإنْ كان ضعيفاً فهو المنكر، قال ابن رجب عن قاعدة


(١) " نظرات جديدة في علوم الحديث ": ٣٤.
(٢) " معرفة أنواع علم الحديث " ١٧٠ بتحقيقي، وقد تعقبه ابن حجر بقوله: «وقد غفل من سوّى بينهما» " نزهة النظر ": ٥٣، وهذا التعقيب له وجه؛ لأنهما لما كانا متماثلين في حقيقتهما عنده، وعند من تبعه كان الأولى دمجهما في مكان واحد، كما فعل الطيبي في خلاصته: ٦٩، وابن الوزير في " تنقيح الأنظار ": ١٥٥.
(٣) أعني بمصطلح مقبول: الثقة والصدوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>