للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قِيلَ من أنَّ لَهُ أقسامًا أخر، فإنَّها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين. ولكن لا بد من بيانها، فقد ذكر ابن طاهر المقدسي في مقدمة "أطراف الغرائب" (١) خمسة أنواع للتفرد هي:

١ - غرائب وأفراد صحيحة.

٢ - أحاديث أفرادٌ يرويها جماعة من التابعين عن الصحابي.

٣ - أحاديث ينفرد بزيادة ألفاظ فيها راوٍ واحد عن شيخه.

٤ - متون اشتهرت عن جماعة من الصحابة، أو عن واحد منهم فروي ذلك المتن عن غيره من الصحابة ممن لا يعرف به إلا من طريق هذا الواحد، ولم يتابعه عليه غيره.

٥ - أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم.

وهذه الأنواع الخمسة تعود إلى التفرد النسبي - وكما هو بيِّن - فإنَّ عامتها جاءت مقيدة.

[مدلولات التفرد عند المتقدمين والمتأخرين]

اختلف المتقدمون والمتأخرون في مرادهم بغرابة الحديث، فكل منهم كان يريد به استفراغًا لما جاش في صدره، وركوبًا لمطية المعنى الذي يراد عند إطلاق مثل هذا الاصطلاح.

أما المتقدمون: فالأصل عندهم في تنصيصهم على تفرد الراوي بالحديث إشارتهم إلى استغراب ذلك المتفرد، وإعلال الرواية به، وأحيانًا قليلة يريدون إعلال متابعاتها، وعدم الاعتداد بتلك المتابعات، وأكثر ما يريدون بإطلاق التفرد هو النسبي، فإنَّهم إذا قالوا بالحديث: تفرد فلان، فهي في الغالب عبارة إعلال، وإشارة إلى وهم ذلك المتفرد، أو إلى عدم احتمال حاله مثل ذلك التفرد.

ولما كان الغالب على مسلكهم في هذه القضية هو مقصد الإعلال صاروا لا يعتدون بالمتابعات الساقطة عن حد الاعتبار، ولا يلتفتون إليها،


(١) ١/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>